تفاجئ الجميع بتحديث جديد لـ iOS من أبل يحمل رقم iOS 17.4. هذا التحديث وبخلاف أي تحديث آخر أطلقته الشركة منذ أكثر من 14 عاماً لم يأت فقط بمميزات جديدة بل جاء بتغيير جذري في سياسة الشركة جعل هواتف آيفون أشبه بهواتف الأندرويد أكثر من أي وقت مضى.

فماذا فعلت أبل؟ ولماذا كل هذه الضجة؟ وهل تضحي الشركة بالفرخة التي تبيض لها ذهباً؟ وما موقف المطورين؟ أسئلة كثيرة حول هذا التحديث نناقشها معكم في هذا الموضوع. لذا دعونا نبدأ هذا المقال عن مشكلات تحديث iOS 17.4 من آبل في أوروبا.

التغيرات الجديدة في iOS 17.4

متجر App Store

التغيرات الجديدة في iOS 17.4

أول وأبرز تغيير سيصل لمستخدمي الآيفون في أوروبا هو إمكانية تحميل التطبيقات من خارج متجر أبل للتطبيق App Store. هذه العملية ستتم عبر فتح الباب أمام إطلاق متاجر أخرى للتطبيقات لتعمل جنباً إلى جنب مع App Store.

في البداية سيتجوب على المستخدم تحمل المتجر البديل الذي يريد استخدامه ثم يمر بمجموعة من التحذيرات بخطورة الأمر قبل أن يتمكن من تثبيته وتحميل التطبيقات مباشرة من خلاله.

ثاني تغيير سيكون إتاحة القدرة للمطورين على تحصيل رسوم المشتريات الداخلية من روابط خارجية بدلاً من اقتصار الأمر على خدمة المدفوعات عبر App Store. هذه الخطوة من شأنها تقليل أسعار المشتريات الداخلية للتطبيقت -على الأقل في بداية الأمر- نظراً لأن المطورين لن يضطروا لدفع 30% من عوائدهم لأبل.

أقرأ أيضا: تعرف على مميزات تحديث iOS 17 الجديد



تسجيل الدخول بحساب أبل

تسجيل الدخول بحساب أبل

تفرض أبل على المطورين إضافة زر "تسجيل الدخول بحساب أبل" أو "Sign in with Apple" إذا ما كانت تطبيقاتهم توفر خيار تسجيل الدخول بأي من حسابات جوجل، فيس بوك، تويتر، سناب شات، أمازون، لينكد إن إلخ…

هذا الأمر لم يعد إجبارياً ولكن أبل فرضت 3 ضوابط أخرى للاستغناء عن تسجيل الدخول بحسابها وهي:

  • توفير طريقة أخرى لتسجيل الدخول لا يتم فيها جمع أي بيانات عن المستخدم سوى الاسم والبريد الإلكتروني.
  • أن يسمح للمستخدم بإبقاء البريد الإلكتروني سري أثناء إنشاء حساب جديد.
  • ألا يسمح للطريقة المستخدمة بتتبع المستخدم أثناء استخدام التطبيق.

خدمات الدفع اللاتلامسي

خدمات الدفع اللاتلامسي

إذا كنت ممن يسكنون الدول التي تتوافر فيها خدمة Apple Pay فأنت تدرك جيداً أن الخدمة هي الخدمة الافتراضية للدفع اللاتلامسي على أجهزة الشركة كان ذلك في الهواتف أو الساعات الذكية.

تحديث iOS 17.4 ستفتح فيه أبل تقنية الـ NFC في أجهزتها بحيث يتمكن المستخدمين من الاعتماد على خدمات دفع أخرى من "الطرف الثالث" واستخدامها كطريقة الدفع اللاتلامسي الافتراضية في الهاتف. سيقتصر هذا التحديث فقط داخل الدول الأعضاء الاتحاد الأوروبي كباقي التحديثات المُعلنة.

متصفحات الإنترنت

إذا كنت لا تعلم فإصدارت أشهر المتصفحات على iOS مثل جوجل كروم، فايرفوكس، أوبرا، بريف إلخ… هي مجرد واجهة لتلك المتصفحات يمكن استخدامها للمزامنة مع نسخ المتصفح على باقي أنظمة التشغيل لأنها جميعاً مبنية على محرك webkit من أبل.

فعلى عكس الويندوز مثلاً أو أندرويد الذي يعتمد فيه جوجل كروم على كروميوم وفايرفوكس على محركه الخاص Gecko تفرض أبل أن يتم استخدام محركها في كافة المتصفحات وإلا لن تقبل على App Store.

تحديث iOS 17.4 سيلغي هذا الأمر تماماً وسيصبح بإمكان كل متصفح من استخدام محركه الخاص على iOS. سيسمح كذلك للمستخدمين باختيار متصفح آخر كمتصفح افتراضي بدلاً من كون Safari هو المتصفح الافتراضي الوحيد المفروض على المستخدمين.

خدمات الألعاب السحابية

خدمات الألعاب السحابية

الطريقة الوحيدة للعب عبر خدمات اللعب السحابي كانت -ومازالت بالنسبة للأغلبية- عبر تشغيل الخدمة أي كانت عبر المتصفح كان ذلك على الـ iPhone أو الـ iPad. أبل كانت ترفض تثبيت أي تطبيق متعلق بهذه المنصات عبر متجرها إلا بعد تقديم كل لعبة على هيئة تطبيق مستقل من قبل مقدم الخدمة ثم مراجعته والموافقة عليه وهو أمر مستحيل في ظل تغير مكتبات الألعاب المدعومة ونمو هذه المكتبات بسرعة كبيرة.

تحديث أبل الجديد سيفتح الباب أما خدمات الألعاب السحابية مثل GeForce Now من إنفيديا و Xbox Cloud Gaming من مايكروسوفت من الوصول لمستخدمي نظام iOS. كل ما يتطلبه الأمر الآن هو أن تكون الألعاب المتاحة متوافقة مع كافة شروط متجر App Store وأن يضع مقدم الخدمة تقييم عمري على كل لعبة بما في ذلك تطبيق الخدمة.

وبرغم ما قد تراه خطوة للأمام إلا أن كبار مقدمي هذه الخدمة وبالأخص مسؤولو مايكروسوفت قد أبدوا غضبهم الشديد من الأمر ليس بسبب الضوابط المفروضة ولكن بسبب الرسوم الجديدة!

التغيرات بالنسبة للمطورين

للوهلة الأولى قد تظن أن iOS قد يصبح جنة بالنسبة للمطورين في أوروبا على الأقل ولكن الأمر أسوأ بكثير مما يبدوا فكل ما قدمته أبل بيدها اليمنى ستسحبه بيدها اليسري لتحافظ على احتكارها لمتجر App Store والأرباح المهولة التي تجنيها من وراءه.

نسخ مخصصة للتطبيقات في الاتحاد الأوروبي فقط

إذا كنت مطور وكنت تريد أن تستفيد من التغيرات الجديدة التي حدثت في الاتحاد الأوروبي فسيتوجب عليك إطلاق نسخة خاصة من تطبيقك مخصصة لدول الاتحاد الأوروبي. هذه النسخة ستخضع لعملية مراجعة منفصلة من قبل أبل وحسابات مادية مستقلة عن التطبيق الأساسي المتوفر في باقي دول العالم.

تعديل الرسوم

تعديل الرسوم في الاتحاد الأوروبي فقط

قامت أبل بلعبة سيئة فيما يخص تعديل الرسوم لأن الأمر أصبح أشبه بالمتاهة. هذا الأمر مقصود بالتأكيد حتى يفضل المطورين البقاء مع أبل بدون الحاجة للدخول في تفاصيل ورسوم معقدة.

أول خيار أمام المطورين هو البقاء بدون أي تغييرات. يطرح المطور تطبيقه على App store ويستخدم خدماتها للدفع في مقابل 30% من أي عوائد للتطبيق عبر المشتريات الداخلية. قد يحظي المطور بخصم قدره 50% (سيدفع 15% فقط لأبل) إذا كانت مبيعاته أقل من مليون دولار سنوياً.

ثاني خيار هو الخروج من قبضة أبل وهنا سيواجه المطور عدد من الرسوم المختلفة.

0.5 يورو رسوم ثابتة يدفعها المطور على أي عملية تحميل أو تحديث للتطبيق عبر متاجر التطبيقات الأخرى. هذه الرسوم يتم دفعها سنوياً. تلتزم كذلك المتاجر المستضيفة لهذه التطبيقات بدفع نفس الرسوم. أبل تقول أن هذا الرسم في مقابل أدوات تطوير التطبيقات التي تستثمر بها الشركة مبالغ طائلة من أجل توفيرها للمطورين.

هذا الرسم وحده يعني القضاء على فرصة إطلاق أي تطبيق جديد مباشرة خارج App Store لأنه وببساطة مع زيادة عدد المستخدمين سيكون على المطور دفع مبالغ طائلة قبل حتى تحصيل أي شيء. الأسوأ أن أي تطبيق مجاني لن يتمكن من دفع هذه الرسوم.

متجر التطبيقات الذي سيستضيف التطبيقات الأخرى ملزم أن يقدم ضمان مادي بأنه يمتلك على الأقل مليون يورو على هيئة مبلغ مجنب. هذا المبلغ سيكون مخصص للنزاعات القضائية والتعويضات المتعلقة بالتطبيقات المطروحة على هذا المتجر.

طرح التطبيقات خارج App Store لا يعني أن أبل لن تحصل أي رسوم، فبخلاف الرسوم المذكورة تحصل أبل 17% من عوائد التطبيق من المشتريات الداخلية بشرط أن تكون مشتريات رقمية. يدفع المطور 3% رسوم إضافية لأبل إذا ما قرر الاعتماد على خدمتها للدفع.

المطورون الذين يجنون من تطبيقاتهم أقل من مليون دولار سنوياً سيفرض عليهم 10% بدلاً من الـ 17% المفروضة على باقي التطبيقات.

أبل تقول أن 99% من المطورين سيجدون أنفسهم يدفعون أقل مما يدفعون الآن. هذا الكلام قد لا يكون الأدق ففئات كثيرة ستدفع أموال لم تكن لتدفعها من قبل ولكن أبل في النهاية تستهدف الـ 1% من المطورين المتبقين وبالأدق مثل ميتا، وخدمات البث المختلفة التي تمتلك عدد مهول من المطورين وستدفع مبالغ طائلة مع كل تحديث يصل لمستخدميها.

أبل تريد كذلك تقليل الفرص أمام مايكروسوفت و Epic Games اللذان يخططان لإطلاق متاجر تطبيقات منافسة في أسرع وقت ممكن. ممثلون من كل شركة أبدوا اعتراضهم على سياسة أبل الجديدة واصفين إياها بأنها امتداد لسياستها الاحتكارية.

هل تطبق أبل سياسة مشابهة خارج الاتحاد الأوروبي؟

هل تطبق أبل سياسة مشابهة خارج الاتحاد الأوروبي؟

أبل وبشكل واضح وصريح أعلنت أنها لن تطبق أي شيء مشابه خارج الاتحاد الأوروبي ببساطة لأنها ترى أنه يعرض أمن وسلامة المستخدمين للخطر. مبرر لا طالما استخدمه الشركة في تبرير أي سلوك احتكاري.

أبل لم تقم بهذه التغيرات إلا بسبب قانون الوسائط الرقمية الجديد الذي يدخل حيز التنفيذ في الاتحاد الأوروبي والذي إن خالفته كانت ستواجه عقوبات مالية كبيرة قد تصل بنهاية المطاف إلى حظر خدماتها المخالفة وهو ما تسعى أبل بالتأكيد لتجنبه بأي وسيلة.

لا نعرف حقيقة ما الضرر المادي الذي سيقع على أبل جراء هذه الإجراءات ولكن المؤكد أن الـ 20 مليار دولار التي كانت تحققهم الشركة من وراء App Store بحسب Mark Gurman سيتأثروا لا محالة خاصة إذا ما حاول المنافسون مقاضاة الشركة امام القضاء الأوروبي بدعوى الاحتكار.

هذا ويذكر أن أبل قد اضطرت منذ 4 أشهر لتغيير منفذ هواتف الآيفون من منفذ Lightning إلى منفذ USB-C بعدما أقر الاتحاد الأوروبي قانون يفرض على كافة الشركات توحيد منافذ الأجهزة الإلكترونية. قدمنا لك عزيزي القارئ في هذا المقال مشكلات تحديث iOS 17.4 من آبل في أوروبا. نرجو أن نكون قد قدمنا لكم الموضوع بشكل كامل و ننتظر رأيكم في التعليقات!