خلال فعاليات الكلمة الافتتاحية الخاصة التي ألقاها في معرض Computex 2024، أعلن السيد Jensen Huang الرئيس التنفيذي لشركة NVIDIA عن مجموعة جديدة من التقنيات، المُنتجات والتصوّرات الخاصة بالشركة في عالم الذكاء الاصطناعي.

تم الحديث في البداية عن الذكاء الاصطناعي التوليدي، ومدى تأثيره على حياتنا في الوقت الحالي من الجانب العملي. تطبيقات مثل ChatGPT وغيرها من تطبيقات الذكاء الاصطناعي أصبحت جزءًا لا يتجزّأ من حياتنا اليومية في الوقت الحالي.

طالع أيضًا:

ولكن بالرغم من مرور تقريبًا 60 عامًا على ظهور الحواسيب بشكلها المعروف اليوم، وتحديدًا تقنيات المعالجات المركزية، إلا أن مقدار التطوّر الفعلي، والقفزات التقنية الكبيرة ليست كثيرة بنفس عمرها الطويل. ومع التطور السريع في القدرة على الحصول على البيانات والتعامل معها، استمر مقدار البيانات بالتضاعف، وفي المقابل قوة المعالجات لا تزيد بنفس المقدار.

هذا التباطؤ كان الشعلة التي أدّت بعد ذلك لظهور تقنيات جديدة لتسريع هذه العملية، كما هو الحال مع أنوية CUDA. فمع هذه القفزة التقنية التي أتاحتها تقنيات NVIDIA في الفترة الأخيرة، نستطيع الوصول لمستويات أداء أفضل بمقدار100 مرة، مع استهلاك طاقة أكثر بمقدار 3 مرات فقط، و50% تكلفة إضافية فحسب. ومع الزيادة في القوة الحوسبية، سيزداد مقدار التوفير بشكلٍ أكبر، مما يدفعنا إلى مقولة:

The more you buy, the more you save

أنوية CUDA الجديدة من إنفيديا تُبهِر الحاضرين

لكن وبالرغم من هذه الطفرة التي توفرها أنوية CUDA، إلا أن الجانب البرمجي لا يزال يتعامل بمعمارية المعالجات التقليدية، الأمر الذي يجعلها تحتاج لوسيط للتعامل مع أنوية CUDA بشكل سليم؛ وهو أمر توفره مكتبات اليوم التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتستطيع توظيف أنوية CUDA بالشكل الأمثل مثل CuDNN وغيرها من مكتبات NVIDIA CUDA الأُخرى.


أما النتائج العملية فيُمكننا رؤيتها على أرض الواقع بالفعل، كما تم مع PANDAS التي تم تسريعها باستخدام CUDA ومكتبة cuDF، لنحصل الآن على أزمنة أقل بكثير لإنهاء العمل مقارنة بالمعالجات والمكتبات التقليدية.

تقنية NVIDIA Earth 2, توقع المستقبل

لأن الذكاء الاصطناعي أصبح الآن جزء من كل شيء حولنا تقريبًا، ستستمر NVIDIA في المُستقبل في تقديم المزيد من الحلول التفاعلية الأكثر ذكاءً في التعامل مع الحياة. ومع قدرات الذكاء الاصطناعي المتنامية، بدأت NVIDIA مشروع NVIDIA Earth 2 الذي يُحاكي الكرة الأرضية ليستطيع ليس فقط مراقبة أو فهم كوكبنا بالشكل الأمثل فحسب، ولكن أيضًا للتنبّؤ بمُستقبله، بحيث نستطيع من خلال ذلك مراقبة عاداتنا، ومدى تأثيرها على التغيّر المناخي وطبيعة الأرض في السنوات القادمة.

NVIDIA Earth 2، مُستقبل التنبؤ بتغيرات الطقس لحظيًا

ولأن هذا المشروع ضخم للغاية، سيتم عرض التطورات الخاصة به بشكل سنوي، لنرى إلى أين وصلنا. هذا العام على الرغم من ذلك، استطعنا الوصول إلى مرحلة توقّع التغيّرات المناخية والطقس، وبمستويات دقة كبيرة للغاية تصل إلى 2كم، بدلًا من 15 كم في السابق.

كل هذا تم الوصول إليه من خلال نموذج CorrDiff الذي يستطيع الوصول إلى هذه النتائج بسرعة أكبر بـ 1000 مرة واستهلاك طاقة أقل 3000 مرة. ومع التطوّر المُستقبلي الذي يسعى للوصول إلى مستويات دقة بالأمتار، سنتمكّن من معرفة تأثيرات المنازل والبنية التحتية، مقدار الضرر المتوقّع وغيرها من الأمور التي ستُساعد على تفادي الكثير من الأضرار وحفظ الأرواح، وبالتأكيد تحسين طريقة تعاملنا مع البيئة.

الذكاء الاصطناعي، عمود التطوّر

عندما ابتكرت NVIDIA العديد من التقنيات التي تمكّن التعامل مع الذكاء الاصطناعي في الماضي، لم يشترِها أحد آنذاك، وذلك لأن أحدًا لم يتمكن من استخدامها. حتى جاءت بعد ذلك شركة OpenAI، والتي كانت في ذلك الوقت شركة صغيرة في سان فرانسيسكو ولكنها استطاعت رؤية الإمكانات الكبيرة التي ستوفّرها هذه التقنيات. واستطاعت بالفعل من تحويل "المُحولات أو الـ Transformers" التي يعود ابتكارها لعام 2017، إلى شيءٌ ما يُسمى ChatGPT، الذي أصبح الجميع يستخدمه في الوقت الحالي.

تم إطلاق ChatGPT في عام 2022، مع مليون مستخدم في اليوم الأول! ثم وصل العدد إلى 100 مليون بعد شهرين، ليُصبح أسرع برنامج من ناحية النمو في العالم. والسبب في ذلك ببساطة يرجع إلى السهولة الكبيرة والوظائف المهولة التي وفّرها، وكأنك تتعامل مع شخص حقيقي لأول مرة.

ولكن مع الإمكانات المُتزايدة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي حاليًا، أصبحت هناك الكثير من المجالات والوظائف والاختراعات المُمكنة؛ هناك الكثير من المُخرجات أو Tokens التي يستطيع توفيرها، اعتمادًا على المُدخلات (فيديو/نصوص/كتابة…إلخ) والمجال الذي يتم استخدامه فيها. الأمر أشبه باختراع الكهرباء، فكلاهما يُولِّدان شيئًا ما، غير أن أحدهما يولد الإلكترونات، والآخر يُولد الـ Tokens. ومع هذا التطوّر الغير مُنقطع، في المستقبل ستتحول مساعدة الكمبيوتر لك من مُجرّد تفضيلات، إلى ابتكارات وحلول فريدة، في كافة المجالات الحياتية والصناعية قاطبة.

ولقيادة "مصانع الذكاء الاصطناعي" هذه، فأنت في حاجة إلى برنامج يستطيع قيادة، التحكم والتعامل مع كل هذا بشكلٍ موّحد. وهو ما تُسمّيه NVIDIA…

برنامج NIMS=NVIDIA Interface Microservice

برنامج أو مجموعة برامج NIMS=NVIDIA Interface Microservice هي مجموعة من التقنيات المجموعة داخل صندوق موّحد يعمل بالذكاء الاصطناعي، يُمكنك الحديث معه والتعامل معه مثل Chatgpt. هذه الـ NIMs ستوفر لك وظائف شبيهة بالأفراد، وستتعامل مع بعضها وتحل المشاكل، تتعاطف معك، وتوفّر لك المزيد من التفاعل الواقعي وغير ذلك من الوظائف. وهي ما سيتم تسميتها باسم البشر الرقميين أو Digital Humans.


سيتضمّن NIMs هذا أكثر من 400 أداة ذكاء اصطناعي في مكانٍ أو صندوقٍ واحد مُجمّع يستطيع توفير العديد من الأدوات والوظائف المتنوّعة في مختلف المجالات. تم تجربة هذا البرنامج مع العديد من منتجات NVIDIA القديمة التي تعتمد على أنوية CUDA. وستتمكّن من إضافة هذه الوظائف إلى مؤسّستك ومشاركتها مع العاملين عندك.

أجهزة الكمبيوتر التي تعمل بتقنيات RTX الخاصة بالذكاء الاصطناعي

كل هذه التقنيات التي ذكرناها تعمل على السحابة، ولكنها تعمل أيضًا على أجهزة الكمبيوتر الجاهزة للتعامل مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي، كتلك التي تحتوي على تقنيات RTX. يوجد الآن 200 كمبيوتر RTX جديد، التي يتم تسريعها بالذكاء الاصطناعي في كل المجالات.

ماذا عن مجال مراكز البيانات؟

أجهزة Transformers أصبحت تتعلم بذاتها بدون الحاجة للبشر لتعليمها بشكل دقيق. فمع الحاجة لإيجاد تطبيقات ذكاء اصطناعي تستطيع التعامل مع العالم الفيزيائي، دعت الحاجة للتعلم من الفيديوهات، التعلم المباشر وبيانات المُحاكاة. ولكن المرحلة التي بعد ذلك هي أن يتعلم الـ AI من نفسه، ومنه سيتعلم الـ AI من العالم الفيزيائي. كل هذا يحتاج لشرائح أكثر قوة، مثل Blackwell.

رجبوا معنا بمنصة Blackwell، حيث تم جمع أكبر شريحتين يُمكن لشركة TSMC توفيرهما، وتم ربطها باستخدام وصلات الجيل الخامس من NVLinks بسرعة 10TB/s ومعالج Grace على شريحة واحدة كبيرة. هذه الشرائح يُمكن تجميعها هي الأُخرى في أنظمة أكثر قوة وأكبر للحصول على مستويات أداء أكثر قوّة، والتي بدورها يُمكن جمعها في أنظمة أكبر.


سيوفر هذا الجيل الجديد من الأجهزة قدرات ذكاء اصطناعي أكثر قوة من أي وقتٍ مضى، أو تحديدًا ما يصل إلى 20000TFlops، أي حوالي 1000 مرة أكثر من الجيل الأول من معمارية Pascal عام 2016، أي في غضون 8 سنوات فقط. ومع التطور الكبير في عمليات التصنيع، ستوفر لك هذه المنصة كمية كبيرة في الطاقة، تصل إلى 350 ضعف على سبيل المثال لتمرين نموذج GPT4 1.8T.


نظام DGX System

لتوفير المزيد من القوة، يُمكن تجميع مجموعة من منصات Blackwell داخل نظام أكبر يُسمّى DGX، الذي هو عبارة عن 8 أجهزة Blackwell ويتم تبريده بالهواء، أو حتى نسخة MGX والتي يتم تبريدها بالتبريد المائي.

يتم توصيل 72 من هذه المسرّعات الرسومية جميعها باستخدام وصلات NVLinks الجديدة داخل وحدة DGX الأكبر والتي تُسمّى GB200.


كل هذه الأجهزة يتم توصيل العديد منها من خلال مجموعة من أنظمة التوصيل الجديدة، والتي يُمكنها جمع العديد من أجهزة DGX، ومن ثم جمعها جميعاً داخل مراكز البيانات التي تحتوي على آلاف كروت الشاشة.

بعد ذلك لدينا خارطة الطريق التي توضّح خطّة الشركة للعام القادم، حيث سيتم إطلاق منصة Blackwell Ultra المُحسّنة مع مستويات وعتاد أفضل. ثم سيليها بعد ذلك أيضًا بعام، منصة Rubin الجديدة في عاميّ 2026 و 2027.

وبهذا تكون لدينا مجموعة واسعة من المنتجات التي تم إطلاقها، والتي توضّح إمكانات التوسعة الكبيرة التي توفرها معمارية Blackwell.

الجيل التالي من الذكاء الاصطناعي، الروبوتات البشرية!

هذا التطور الكبير في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي سينقلنا بعد ذلك للجيل التالي من الذكاء الاصطناعي الذي سيُركّز بشكل أكبر على التعامل مع العالم الحقيقي والواقع، وذلك من خلال الروبوتات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي.

هذه الروبوتات ستتعلم التواصل مع العالم الحقيقي من خلال فهم تصرّفات الأشخاص، التعامل مع الأجسام، وأيضًا من خلال العوالم التخيّلية التي يوفرها نظام Omniverse الذي يُحاكي العالم الفيزيائي، وتستطيع الروبوتات من خلاله التعلّم بشكل آمن ومحاكاة الواقع، ومن ثم التعامل مع الواقع.


ستستخدم هذه الروبوتات معالجات Jetson Orin، وهي الجيل التالي من معالجات Jetson Thor لكي تعمل. وقد وفرّت NVIDIA جميع الأدوات التي يحتاجها المطورين داخل نظام Omniverse. كل ذلك سيتم استخدامه لعمل النسخ الرقمية من المخازن، المصانع الرقمية (كما تفعل Foxconn و Delta على سبيل المثال).

هذه التوائم الرقمية من مصانعها تُساعد الشركات والمصانع في تحديد الأماكن الأفضل للمُعدّات الجديدة، الطرق الأمثل لتركيب الكاميرات، تدريب الروبوتات في الفضاء الرقمي قبل إطلاقها على أرض المصنع لتفادي الأخطاء، تدريبها، وزيادة دقّة عملها.

كل هذه التقنيات مُجتمعة ستؤدّي في نهاية المطاف إلى تقنيات المُستقبل مثل السيارات الذاتية القيادة بالذكاء الاصطناعي، الروبوتات البشرية التي ستعمل في المنازل لمساعدة الأفراد (كتلك الموجودة في الأفلام)، وغيرها من التطبيقات العملية الأكثر واقعية والبعيدة عن حيّز الصناعة فحسب.

هذه الصناعة تحديدًا (الروبوتات البشرية)، ستحظى بالكثير من التطور حيث أن هناك الكثير من البيانات التدريبية المباشرة لهذه الروبوتات، حيث أنها ستتمكّن من التعلم مباشرة من الأشخاص، الفيديوهات، والتعامل المباشر.


ولا شك أن كل هذا التطوّر ما كان ليتم لولا الجهود المتشابكة والمستمرة بين NVIDIA والقدرات التصنيعية الفائقة لتايوان، الدولة التي كانت، ولا تزال حاضنة صناعة التكنولوجيا وأشباه الموصّلات حول العالم.