تبقى عصابات الياكوزا واحدة من أغرب التنظيمات الإجرامية التي تم تأسيسها في الحياة الإنسانية، وتجاوزت الياكوزا فكرة العصابات المنظمة وأصبح لها توجه فلسفي كبير جدًا ميز المجتمع الياباني وأبرز العديد من أوجهه، وبالطبع بسبب هذه الأفكار الفلسفية الغريبة التي تحظى بها مؤسسة الياكوزا كان من المنطقي تقديمها وتقديم أفكارها في عدد من الأعمال الفنية سواء أفلام أو مسلسلات وبالطبع ألعاب، ومن أشهر الألعاب التي تقدم عصابات الياكوزا هي سلسلة ألعاب Like a Dragon.

سلسلة Like a Dragon تقدم في كل جزء حكاية لبطل من أبطال عصابات الياكوزا، حكياة تجعلنا نعيش داخل أروقة هذه الجماعة المنظمة ونفهم كيف يمكن أن يختلط الخير بالشر، والقيم والمبادئ بالإجرام أحيانًا، لأن كما ذكرنا عصابات الياكوزا ليست مجرد تنظيم إجرامي بل هي فلسفة سواء اتفقنا أو اختلفنا معها، والآن نحن لدينا لعبة Like a Dragon Gaiden: The Man Who Erased His Name وهي أحدث ألعاب السلسلة.

لعبة Like a Dragon Gaiden: The Man Who Erased His Name تعود بنا إلى الحاضر من جديد لأن الجزء الماضي من السلسلة كان لعبة Like a Dragon: Ishin! التي وقعت أحداثها في الماضي حيث عشنا مع العصابة الشهيرة في أيام الساموراي.

شخصيًا جربت الكثير من ألعاب ياكوزا أو يمكن أن نقول Like a Dragon الآن وفي الحقيقة دائمًا كنت أشعر أنها ألعاب ممتعة جدًا ولكن ينقصها دائمًا أمر ما، لم تتمكن أي لعبة من ألعاب السلسلة تقديم تجربة كاملة على الأقل بالنسبة لشخصي. وهنا نحدد ما نبحث عنه في هذه اللعبة، نحن نبحث عن لعبة تقدم لنا تجربة متكاملة هذه المرة فهل تمكنت Like a Dragon Gaiden: The Man Who Erased His Name من تحقيق المهمة؟

قصة وعالم لعبة Like a Dragon Gaiden: The Man Who Erased His Name


أحداث لعبة Like a Dragon Gaiden: The Man Who Erased His Name تدور بعد جزء Yakuza 6: The Song of Life وبطلنا الرئيسي في اللعبة هو عضو الياكوزا الأسطوري Kazuma Kiryu.

يبدو أن Kazuma Kiryu قرر التوقف عن الظهور وأراد أن يمسح ماضيه تمامًا ليحمي من يحب، وبناء عليه قرر Kazuma Kiryu تزييف وفاته ليختفي عن الأنظار تمامًا.

بعد تزييف وفاته عمل Kazuma Kiryu كأحد العملاء السريين لدى عشيرة Daidoji وتم تغيير اسمه ليصبح Joryu، ولكن خلال أحد العمليات التقليدية تنقلب الأوضاع ويتضح أنه مجرد فخ.

بعد هذه العملية يدخل Joryu في سلسلة من الأحداث العنيفة التي تدفعه للظهور بشخصيته الحقيقية ليكتشف أنه هو الهدف من البداية، وتستمر أحداث القصة في محاولة Joryu مسح إسمه بشكل حقيقي وإنهاء ماضيه الإجرامي.

في الحقيقة ما تحدثنا عنه لا يعتبر أي حرق لأحداث القصة لأن القصة ممتدة وبها الكثير من التفاصيل، ويمكن أن نقوله ما ذكرناه هو الافتتاحية الخاصة باللعبة فقط.

عمومًا اللعبة تأتي مع قصة بها الكثير من التفاصيل وبعض الشخصيات الجديدة، وقدمت القصة جودة مطابقة لكل ألعاب السلسلة تعتمد على المشاهد الإخراجية الجيدة والحوارات الطويلة جدًا ولكن مكتوبة بعناية.

هنا لا اختلف على القصة وأراها ممتعة وحتى النصوص الحوارية الطويلة جدًا كانت ممتعة لأنها مكتوبة بشكل جيد، ولكن القصة بها خلل بسيط جدًا وهو منطقية الفكرة.

جوريو أو كريو أو أي كان ما تسميه قوي جدًا فهو ياكوزا أسطوري بمعنى الكلمة وقادر على سحق الأعداء بسهولة، ولا يوجد مبرر حقيقي للمشاكل التي يواجهها لأنه ببساطة يمكن أن يسحقها، على سبيل المثال تجد بطلنا مضطر لسماع حديث من عدوه لكي يحصل على معلومة تفيده في حين أن بطلنا قادر على تهشيم رأس هذا الخصم وانتزاع المعلومات من داخل رأسه، والأمر الأغرب أنه في معظم الأحيان يتقاتل بطلنا مع هذا الخصم ولكن في وقت لاحق و بالطبع نحن نعلم النتيجة سنقوم بهزيمة هذا العدو وضربه ضربًا مبرحًا.

هذا الافتقار إلى المنطقية لم يكن موجود مع جزء Ishin الذي قدم لنا قصة عميقة لا يمكن تسطيحها كما هذا مع جزء Gaiden، ولكن على أي حال لا يجب أن تخضع قصة اللعبة لهذا التحليل العميق يمكن أن تستمتع جدًا بالاحداث التي تراها والاستمتاع بالنصوص الحوارية الطويلة بالصوت الياباني المميز.

هنا يجب الإشارة إلى أمر هام وهو أن الحوارات والنصوص في اللعبة طويلة جدًا بالفعل، الشخصيات تتحدث وتتحدث وتتحدث حتى تصل إلى معلومة بسيطة جدًا، وهو أمر قد لا يعجب البعض ولكن هذه هي طريقة تقديم النصوص والحوارات في كل ألعاب السلسلة وفي الحقيقة هذه هي السمة المميزة لأي عمل فني ياباني.

المهام الجانبية في Like a Dragon Gaiden: The Man Who Erased His Name


في الحقيقة أبرز ما يميز ألعاب سلسلة ياكوزا هو المهام الجانبية أو الحياة التي تصنعها اللعبة إلى جانب القصة الرئيسية وفي هذه اللعبة تم تقديم مهام جانبية ممتعة وعديدة جدًا بنظام جديد تمامًا.

بطلنا لديه حليفة تسيطر على المنطقة وهي من تمده بالمهام الجانبية، وبالطبع كلما رفعت من قيمة هذه الشبكة السرية في المدينة كلما تمكنت من القيام بمهام أكثر صعوبة وأهم.

هنا اللعبة تدفعك للقيام بهذه المهام وتجعل منها جزءًا أساسيًا من اللعبة، لأن المهام الجانبية مصدر هام جدًا للأموال داخل اللعبة و بواسطة الأموال يمكنك ترقية الشخصية وفتح ضربات جديدة أو تطوير المعدات التي يمتلكها بطلنا.

كذلك تتميز المهمات الجانبية داخل لعبة Like a Dragon Gaiden: The Man Who Erased His Name بالتنوع الكبير فهي لا تقتصر على الضرب بل قد توجد مهمات تعتمد على المراقبة وفي بعض الأحيان توجد مهمات خفيفة الظل جدًا.

الألعاب الجانبية


كما ذكرنا تحاول اللعبة تقديم حياة غنية تدور حول القصة الرئيسي، ولذلك قامت اللعبة بإضافة عدد ضخم جدًا من الألعاب الجانبية، في الصور التالية لقطات من لعبة سونيك القتالية الكلاسيكية وفي الحقيقة هذه الألعاب تجدها داخل مقهى الإنترنت الموجود في عالم اللعبة حيث يمكنك تجربة عدد ضخم جدًا من الألعاب الكلاسيكية الخاصة بشركة سيجا.

لكن هنا يجب أن نحذر بشدة من أمر ما، هذه اللعبة تتحدث عن عالم عصابات الياكوزا وبالتالي فإنها تحتوي على الكثير من الألعاب الجانبية الخطيرة، اللعبة تحتوي على كازينوهات للمقامرة بها الكثير من ألعاب الأوراق، بل وتحتوي على نوادي ليلية والغريب هو أنه يمكنك أن تقابل فتاة حقيقية داخل هذه النوادي ليست مرسومة وليست مصممة حيث تدخل في لعبة جانبية مع هذه العارضة ويعتمد مسار الجلسة على الاختيارات الحوارية الخاصة بك.

لذلك شعرت بأن التجول داخل أروقة المدينة يجعل اللعبة غير مناسبة لجميع المراحل العمرية، وهنا يجب التأكيد على الإلتزام بالتصنيف العمري الخاص باللعبة لأنها بالفعل تحتوي على الكثير من المشاهد والأفكار الخارجة.

مسرح القتال


أحد الإضافات الجانبية الموجودة في اللعبة هي مسرح القتال، وهو مسرح يمكنك من خلاله الدخول في معارك مصارعة لتحصد المجد والمال، كما يمكنك تكوين الفريق الخاص بك والدخول في معارك جماعية، ويمكن تطوير هذا الفريق وتحسين قدرات أتباعك، ويعتبر المسرح واحدًا من أهم مصادر الأموال داخل لعبة Like a Dragon Gaiden: The Man Who Erased His Name، وفي الحقيقة النشاط الخاص بالمسرح كان ممتع جدًا واستمتعت به كثيرًا.

أسلوب اللعب


لا اعلم كيف أسردها لك عزيزي القارئ ولكن أسلوب القتال في اللعبة لا يختلف كثيرًا عن الأجزاء السابقة من اللعبة، ولكن لنتحدث عن أسلوب القتال عمومًا وكأن الحديث موجه إلى قارئ لم يجرب اللعبة من قبل.

يعتمد القتال في اللعبة على ضربات اليد، بطلنا لا يستخدم الأسلحة عمومًا، يمكنك توجيه الضربات الخفيفة والثقيلة والدفاع ضد ضربات الخصم وبالطبع استخدام المراوغة للهروب من الضربات القوية الخاصة بالخصم.

في نفس الوقت القتال في اللعبة ليس واقعي جدًا وهي سمة مميزة لألعاب ياكوزا، نحن لا نتحدث هنا عن قتال يشبه ألعاب باتمان، بل القتال هنا غير منطقي وغير واقعي على الإطلاق سواء نوعية الضربات التي يتم توجيهها أو الأدوات التي يمكن الاستعانة بها.

اللعبة بها العديد من الزعماء الذين تقاتلهم في الحقيقة فكرة الزعماء مميزة جدًا، لأنه في كل مرحلة تقاتل فيها تجد زعيم واثنان وثلاثة تقاتلهم وكل زعيم يكون له طريقة قتال معينة.

ما يساعد على هذا التنوع وجود أكثر من أسلوب قتال يمكنك استخدامه ويمكنك التغيير بين هذه الأساليب في أي وقت خلال القتال وكل أسلوب له الضربات المميزة الخاصة به.

على الرغم من متعة أسلوب القتال الذي نتحدث عنه في الوقت الحالي والذي قد يبدو مبهرًا لأي قارئ جديد على اللعبة، إلا أن كل ما تحدثنا عنه هو أمر مكرر ومثل باقي الألعاب الموجودة في السلسلة لا يوجد بها جديد على الإطلاق.

الرسوم والأصوات


هنا تسقط اللعبة بشكل كبير جدًا حيث قدمت اللعبة رسوم سيئة جدًا يمكن أن نقول أنها رسوم لعبة على منصة PS3، هذه المشكلة مستمرة مع جميع أجزاء اللعبة ولكنها تتجلى جدًا في هذا الجزء.

الرسوم سيئة وعتيقة داخل اللعبة نفسها أي من محرك اللعبة، ويوجد بها كسل شديد جدًا حيث تم إهمال عدد ضخم من التفاصيل الخاصة بالرسم، أما عن الرسوم داخل المشاهد السينمائية فهي الأخرى كانت ضعيفة جدًا ومحدودة وتفاصيل ملامح الشخصيات والتعبيرات تجعلك تشعر بأن اللعبة عتيقة جدًا.

كسل المطور مستمر معنا عندما ننظر إلى خريطة اللعبة، خريطة اللعبة ركيكة جدًا بل أكاد أجزم أن تصميمها قريب جدًا من أجزاء سابقة، فمثلًا يوجد جسر داخل مدينة لعبتنا هذا الجسر مأخوذ تمامًا من لعبة Ishin.

هذا الكسل جعلني أشعر بالانزعاج الشديد لأن المطور كان من الممكن التركيز على تحسين الصور والرسوم الخاصة باللعبة بدلًا من الانشغال بمحاكاة نادي ليلي داخل اللعبة بهذه التفاصيل.

أما عن الأصوات فهي بنفس جودة الرسوم، سيئة وكسولة جدًا، وفي بعض الأحيان الأصوات تصمت وفي بعض الأحيان تعمل والأمر كان عشوائي جدًا، ولكن هنا يجب التأكيد على أن الأصوات اليابانية كانت جيدة جدًا من حيث الأداء الفني، ولكن المشكلة تكمن في الأداء التقني الخاص باللعبة وكأن اللعبة لم تمر بأي مرحلة مونتاج ولم تمر على أي مونتير.

الخلاصة


يمكن وصف لعبة Like a Dragon Gaiden: The Man Who Erased His Name بأنها لعبة محبطة، ممتعة جدًا ومحبطة جدًا، لم تتمكن اللعبة من التغلب على أي مشكلة من المشاكل الموجودة في الأجزاء الماضية، تشعر مع هذا الجزء أن السلسلة أصبحت حبيسة حقبة معينة ويتم تكرارها بشكل مبتذل جدًا، وفي نفس الوقت لا يمكن أن نقول أنها ليست لعبة ممتعة، بل هي لعبة ممتعة تقدم أسلوب قتال ممتع وتدور أحداثها في عالم لا نراه كثيرًا في الألعاب.