يعتبر عنوان Rise of The Ronin من العناوين الجديدة التي تزيد بها سوني تنوعية مكتبة ألعاب منصتها الحالية، PS5 من ألعاب الطرف الثالث، بتعاون مميز رأيناه يولد مع لعبة Nioh الأولى بين سوني وفريق تطوير Team Ninja المسؤول عن ألعاب كلاسيكية مثل Dead or Alive، و Ninja Gaiden والمنتقل في السنوات الأخيرة على ألعاب من نوع Souls Like. أما تعاونه مع سوني، فكان على لعبة عالم مفتوح، وبصفتي عاشق للعبة Ghost of Tsushima، انتظرت اللعبة بشغف، فهل قدمت ما يجعلها لعبة جديرة بالإنضمام لمكتبة سوني من الألعاب؟ إليكم مراجعة Rise of The Ronin.

قصة اللعبة (بدون حرق)

أولًا: خلفية عامة عن الحقبة التاريخية

تدور قصة Rise of The Ronin بدايةً من عام 1853، وهي حقبة تاريخية تسمى "Bakumatsu Era" وهي حقبة زمنية مثيرة جدًا للإهتمام لمدى محوريتها وتعقيدها لتاريخ اليابان الحديثة. في هذه الحقبة الزمنية بدأت اليابان بدخول عصر من الضعف، حيث انتشرت الحروب والأوبئة، ومنها وباء الكوليرا المدمر، وفي هذه الفترة أيضاً أُجبرت اليابان على الانفتاح على الغرب وعقد اتفاقات تجارية مع أمريكا وبريطانيا، وكانت مرتعًا للإمبراطوريات تتناحر على أراضيها لأجل النفوذ.

عانت اليابان من فجوة حضارية وحتى صناعية كبيرة بينها وبين الغرب في تلك الفترة، فبينما كانت عقيدة البوشيدو لا تزال سائدةً، ولازال شرف المحارب الياباني يقاس بمدى ضراوته بسيفه، جاء التجار والمستعمرين الغربيين بثقافة مختلفة، محميةً بأسلحة نارية ومدافع لم يرى لها اليابان مثيلًا حتى ذلك الوقت وهو الأمر الذي أحدث فرقةً بين الشعب الياباني، فهناك من رأى أن هذا الانفتاح يمثل فرصة للتعلم من الغرب واللحاق بركب التطور والتمدن، ومنهم من يرى بأن ثقافة اليابان الأصلية وهويتها تحت التهديد، ويجب أن يتم إيقاف الانفتاح وطرد المستغلين بأي طريقة.

قصة وأحداث اللعبة:

في هذه الأجواء يولد توأمين، ذكر وأنثى (تختار منهما الشخصية التي تتحكم بها وتقوم بتخصيصها) في قرية مناهضة للانفتاح يتم حرقها إثر عداوة مع السلطة ويتم تربية التوأمين ضمن صفوف تنظيم سري يدعى Veiled Edge هدفه هو التخلص من القائمين على الحكم، ولكن الأحداث تجبر التوأم على الافتراق، ومن هنا تنطلق رحلة ذات خطي أحداث رئيسيين للبطل أو البطلة.

خط الأحداث الأول هو خط شخصي يبحث فيه البطل عن توأمه ويكشف أسرار اختفائها ومع أي أطراف الصراع الدامي تقف الآن. أما خط الأحداث الثاني، فهو متعلق بالإعدادات نفسها ويركز على حالة الفرقة في المجتمع الياباني وخلق التحالفات التي من شأنها مساعدتك على الوصول إلى هدفك الشخصي، وهو أمر صعب لأن الموقف في هذه الحقبة كان معقدًا، ولا توجد وجهة نظر صائبة وأخرى خاطئة، بل يوجد الصحيح والأصح، ولكن لكل من المعسكرين طريقته، وسيكون عليك تحديد أولوياتك دائمًا.

إذًا، قصة اللعبة تقدم واحدة من أكثر فترات اليابان ثراءًا بالتفاصيل، وهي بمثابة Commentary على أحوال البلاد والمجتمع ويبدو أن المطور تعمد دراسة حالة المجتمع في هذه الفترة بشكل عميق لنقلها ببراعة، وكان بالفعل هذا الجانب هو أفضل ما قدمته قصة Rise Of The Ronin.

بطل اللعبة في Rise of The Ronin هو بطل صامت، وتم الاستعانة بخيارات الحوارات بشكل مُكثف لإعطاء اللاعب شعورًا بالأهمية وبعض الاختيارات المحورية في القصة خصوصًا في ساعاتها الأخيرة.

الخيارات بشكل عام لا تقدم أي تغير في سير الأحداث، وشعرت أن الشخصية لو كانت شخصية مؤداه صوتيًا لكان أفضل للاعبين، بحيث يخلق الأمر رابطًا بيننا وبين الشخصية، ولكن في الوقت نفسه الشعور بأنه يمكنك قول بعض الأشياء المختلفة في بعض المواقف هو شعور إيجابي، لذا موقفي كان محايدًا نحو خيارات الحوارات.

القصة تعتمد طريقة السرد السينمائي، بشكل شبيه بما قدمه الاستوديو المطور نفسه في لعبة Wo Long: Fallen Dynastey، وهو هنا أيضًا ليس من مواطن قوة اللعبة بسبب ضعف القيمة الإنتاجية (مقارنةً ببقية ألعاب سوني)، وافتقار الشخصيات ووجوههم للتفاصيل، وبرود الأداءات التمثيلية للبعض الآخر، ولكن بطل اللعبة الحقيقي هو عالمها الذي يركز على واحدة من الفترات المثيرة حقًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى وهناك اعتماد ذكي وفي محله على السرد البيئي للأحداث ونقل أجواء الحقبة الزمنية ببراعة.

في إحدى المهام الجانبية، طُلب مني أن أتوجه لحل نزاع بين جنود أمريكيين وبعض التجار اليابانين في الميناء، واكتشفت أن الخلاف كان بسبب عدوانية التجار اليابانيين تجاه الجنود لأنهم "غرباء" وتسبب عدم استطاعتهم فهم بعضهم البعض بسبب حاجز اللغة إلى عراك دامٍ راح ضحيته التجار وأُزهقت أرواحهم! يسلط هذا الموقف الضوء على جانب واقعي في كل الشعوب تقريبًا، وهو الخوف من المجهول، وما سببه الانفتاح في اليابان من مآسي بسبب خوف المتمسكين بالثقافة اليابانية من الاختلاط بالآخرين.

في مهمة أخرى طُلب مني أن أقوم باستخدام كاميرا حصل عليها أحد العلماء اليابانيين من التجار الأمريكيين في تصوير إحدى المناظر الطبيعية، ولكن عند توجهي إليه وجدت من يهاجمه بسبب "تعامله مع الاختراعات الغريبة" وكاد أن يقتله هو الآخر بسبب كاميرا تصوير!

هذان الموقفان جاءا في مهمتين جانبيتين، ولكنهما يوضحان مدى براعة عالم اللعبة ومطوريه من خلفه في تقديم عالم جذاب واستخدام كل لحظة لك معه في استعراض مظاهر تلك الحقبة التاريخية.

تمتلك القصة الكثير من التعقيدات، ولحسن الحظ، تقدم اللعبة آلية شرح مثالية تشرح لك أثناء الحوارات كل الأشياء التي تتعلق بالحوار والشخصية التي تحاورها في شيء شبيه بما قدمته لعبة Final Fantasy 16 في العام الماضي، ولكن لم ينقذني هذا من الشعور بالضياع بين الشخصيات وكثرتها في بعض اللحظات.

أما عن لحظات الدراما والتحولات في القصة، فهي سياسية في المقام الأول وتدور حول أمة تحاول إيجاد طريقها الصحيح للمضي قدمًا، ولكن بعض الأفعال التي حدثت في القصة (وهي أحداث معظمها حقيقي بالمناسبة) لم يتم التمهيد لها وعانت من التسرع في التحول من أقصى اليمين لأقصى اليسار، واحتاجت بعض الشخصيات أيضًا استكشافًا أوسع للدوافع والأسباب التي تحركهم، حتى استطيع تحديد موقفي منهم بشكل قاطع وأنا مقتنع تمامًا، لأن هذا لم يحدث. هناك شخصيات وضعتني فيها اللعبة أمام خيار تقرير مصيرهم ولم أكن امتلك ما يكفي من المعلومات حوله لكي أتخذ القرار عن قناعة داخلية تامة.

استغرقت القصة مني حوالي 25 ساعة من اللعب مع بعض المحتوى الجانبي والمهام غير المؤثرة على القصة، وقد عانت من التمطيط في ثلثها الأخير، ولكنها كانت في المجمل ممتازة وتُعتبر عظيمةً إذا وضعنا في عين الاعتبار طموح الاستوديو الكبير، وحقيقة أن هذه هي أول تجربة قصصية كاملة لهم.

أسلوب لعب Rise of The Ronin: مزيج مألوف مع لمسة أصلية ساحرة

من الصور، قد تعتقد أن Rise of The Ronin هي نسخة Team Ninja من Ghost of Tsushima وهو أمر صحيح نسبيًا بسبب اشتراك اللعبتين في بعض الأسلحة وبعض آليات اللعب، ولكن أفضل الأشياء في Rise of The Ronin هي تلك الأشياء التي تختلف فيها عن Ghost Of Tsushima.

أسلوب اللعب…منظومة معارك من بين الأفضل في الصناعة

في الساعات الأولى من اللعب، كنت أشعر بأني ألعب نسخة Ghost of Tsushima الخاصة بـTeam Ninja، ولكن مع مرور الوقت اتضح أن هذا اعتقاد ظالم لمجهودات الاستوديو الكبيرة التي جعلته يقدم تجربة مختلفة بما فيه الكفاية عن لعبة Sucker Punch.

تقدم اللعبة تجربة عالم مفتوح مع بعض عناصر ألعاب السولز بحكم خبرة الاستوديو في عناوينه الثلاثة السابقة، ومن هنا تبدأ الفروق بين أي لعبة "ساموراي" أخرى، وبين Rise of The Ronin، حيث تفرق رونين نفسها عن بقية الألعاب من خلال شقين

الشق الأول، وهو أسلوب المعارك، الجانب الأفضل في Rise of The Ronin بلا منازع، فالتركيز كبير على صد الضربات في الأوقات المناسبة وكسر دفاعات الأعداء عن طريق توجيه ضربات محددة في نافذة زمنية ضيقة، وشحن طاقات سلاحك لتنفيذ ضربات أكثر قوة، وعند كسر دفاعات العدو تستطيع وقتها توجيه ضربة حرجة (Critical Hit) قوية لإحداث ضرر بالغ.

هناك مستويات صعوبة، لذا لن تواجه أية مشاكل إذا كنت لا تحب ألعاب السولز، ولكن إذا كانت لديك القابلية للتعامل مع تحدي اللعبة بشكل متوسط، فأنصحك باللعب على الصعوبة المتوسطة، وهي صعوبة تقدم تحديًا كبيرًا، وفي الوقت نفسه لا ترتقي لصعوبة ألعاب مثل Sekiro أو Elden Ring، أما مستوى الصعوبة الأعلى فهو الأكثر تحديًا.

في Rise of The Ronin، تنعكس الحقبة الزمنية على الأسلحة، فيكون لديك أدوات وأسلحة حديثة لتخوض المعارك بها، مثل مسدسات الـRevolver، والبنادق، وقاذف اللهب (Flame Thrower)، ولكن بالطبع تظل السيوف، والأقواس، والأسهم هي الأسلحة الأهم، وتنقسم السيوف إلى أنواع، سيوف الكاتانا، والأوداتشي، والـGreat Sowrd.

كل سلاح يمتلك ميزة وعيباً، وعليك أن تبحث عن السلاح الذي يناسب أسلوب لعبك. شخصيًا، قضيت ساعاتي الأولى بسيفي كاتانا سريعي الحركة والضربات، ولكن بمعدل ضرر أقل، ومع الوقت اكتشفت أن الـGreat Sowrd يناسبني أكثر، بحيث يمكنه كسر دفاعات الأعداء بشكل أسرع، وإحداث ضرر أكبر، ولكن يأتي ذلك على حساب سرعة حركة السلاح.

أما عن الأدوات، فاللعبة توفر لك الطائرة الشراعية التي يمكنك فتحها في أي وقت حتى أثناء القتال للطيران بمسافات قصيرة، وأداة عاكسة للصوت لتتمكن من رصد الأعداء من خلف الجدران، والقنابل حارقة، وأخرى سامة، وهي أدوات تساعد على إتمام المهام بشكل أكثر تحفظًا إذا كنت تحب التخفي أكثر.

نعم، اللعبة تمتلك أسلوب تخفي مميز، ولكنه لا يقدم أي جديد عما رأيناه في ألعاب مثل Ghost of Tsushima وAssassin s Creed، فهنا يمكنك الانبطاح والتسلل من خلف الأعداء، وتنفيذ الاغتيالات الصامتة، ويمكنك أيضًا استخدام القوس والسهم كسلاح صامت أو رمي قنابل الأواني الفخارية لإلهاء الأعداء.

كل هذه عناصر عادية، ولكن أكثر ما أعجبني هو إمكانية الاستغناء عن الأسلحة تمامًا، والاعتماد على يديك فقط، أو السيوف الخشبية للتخفي أو تجنب القتال العنيف. أما في حالة إذا كنت تريد القتال بعنف، فـRise of The Ronin تمتلك واحدة من أعنف أساليب المعارك على الإطلاق، من دماء وتقطيع أوصال ورؤوس، لن تترك شيئًا في نفسك تريد فعله بالأعداء إلا وستجده هنا.

أحد الإضافات التي شهدت تأثرًا بلعبة Ghost of Tsushima هي "أساليب المعارك - Combat Styles" والتي تشبه بعض الشيء الـStances، وهي أساليب قتالية يمكنك تعلمها في اللعبة من خلال التغلب على أعداء محددين، أو مرافقة شخصيات NPC محددة، وكلما استخدمت هذه الأساليب أكثر، زادت مهارتك فيها، ويمكنك استخدام 3 أساليب في وقت واحد، والتغيير فيما بينهم وسط المعارك بحيث يكون أسلوبك مناسبًا للأعداء الذين تواجههم.

في كل معركة يكون هناك مجموعة متنوعة من الأعداء، وسنضطر إلى التغيير كثيرًا بين أساليب القتال المختلفة.

أما الشق الثاني، فيتمثل في تأثر اللعبة بألعاب السولز يظهر في نسخة Rise of The Ronin من الـBone Fires، والمُسماة Veiled Edge Banners، وهي النقطة التي يمكنك عندها حفظ تقدمك، والسفر السريع، وتحويل نقاط Karma التي جمعتها (تشبه نقاط XP) إلى نقاط مهارات لتستخدمها في شجرة المهارات، ولكن عند الحفظ عند تلك النقاط، يعود الأعداء من حولك إلى الحياة مرة أخرى، وهو ما سيجعلك تختار تجاهل هذه النقاط في بعض المهمات.

إذا مت، يحتفظ العدو الذي قتلك بنقاط الكارما الخاصة بك، تحت مسمى Vendetta أو ثأر، ويكون باستطاعتك استعادة نقاط الكارما من خلال إرضاء هذا الثأر والأخذ به من ذلك الذي نجح في قتلك.

كل هذه الأمور جعلت من أسلوب المعارك ممتعًا، ومتغيرًا مع الوقت، وكانت تنوعية الأعداء كبيرة في معظم أوقات اللعبة، فهناك أعداء الساموراي، من بني جلدتك من اليابانيين، والأعداء الغربيين الذين يستخدمون مجموعة متنوعة من الأسلحة، منها المدافع والأسلحة النارية، والزعماء.

الزعماء في اللعبة هم أفضل ما في أسلوب المعارك، ولكن كثرتهم جعلت الأمر يبدو ممللًا مع اقتراب نهاية اللعبة. عادة ما يكون الزعيم لديه تصميم مميز، ولكن لأن 100% منهم أعداء بشريين، كان من الصعب أن يتم تقديم زعماء مبتكرين في كل مرة. اعتمد المطور هنا على تنويع أسلوب قتالهم، والأسلحة التي يستخدمونها، والضربات الخاصة التي ينفذونها، وهو أمر أضفى شيئًا من التنوع، ولكن مع الإكثار من معارك الزعماء أصبح الأمر متكررًا في الثلث الأخير.

العالم والنشاطات الجانبية

تقدم اللعبة تجربة عالم مفتوح بطابع قديم، نستطيع تشبيهة بألعاب Far Cry أو Assassin s Creed بحيث تمتلئ الخريطة بالأيقونات التي تعبر عن مختلف النشاطات، مع اعتماد كثيف على السفر السريع.

المهمات تنقسم إلى 4 فئات، مهمات قصة أساسية، والتي تدور حول الجانب الشخصي من القصة (البحث عن التوأم)، ومهمات تسمى Bond Missions (سنتحدث عنها في فقرة مخصصة)، ومهمات Grass ،Roots وهي ما يمكننا تشبيها بالمهمات الجانبية في لعبة Assassin s Creed Origins، وتكون عبارة عن قصص قصيرة.

أما عن سياق المهمات، ففي الكثير من الأحيان وجدت أن مهمات Bond وRonin هي مهمات أكثر أهمية وإثارة من المهمات الأساسية للقصة، وهو شيء رائع أن تجد مطور يهتم بجودة المهمات الجانبية ليجعلها تقترب من الأساسية، ولكن مشكلتي الأكبر كانت مع التصميم. تصميم المهمات لا يختلف كثيرًا في جوهر ما تقوم بفعله فيها. فتارة تقاتل مجموعة من الأعداء، وتارة أخرى تبحث عن أشياء لتجلبها لأحد الأشخاص، وهو أمر يصبح مستهلكًا بشكل كبير مع مرور الوقت. خصوصًا وأن اللعبة تعتمد عليه في كل أنواع المهمات.

في مهمات القصة بالذات، لاحظت أن المطور لا يستغل العالم المفتوح بشكل كافي، ويميل في معظم الوقت إلى تقديم مهمات القصة بشكل خطي يشبه الـDungeon وفي نهايته زعيم عليك الفوز في نزال ضده.

بالرغم من تقديم اللعبة الأدوات والأسلحة والعالم الكافيين لتصميم مهمات مطاردة، أو مهمات Sandbox، إلا أن المطور لم يقدم على هذا البتة. لا أعرف إذا كان هذا كسل في التصميم، أو خوف في التعامل مع العناصر الجديدة على المطور بشكل مكثف رغبة في الوقوع في مشاكل، ولكن تصميم المهمات كان بشكل عام من أسوأ جوانب اللعبة.

بجانب أنواع المهام الأساسية الثلاث، هناك نشاطات "عالم مفتوح" يمكننا وصفها بكل أرياحية بالنشاطات "اليوبي سوفتية" مثل جمع القطط، والتصوير، والتدرب على الرماية سواء بالأسلحة النارية، أو القوس والأسهم، أو المبارزة، أو المقامرة (لم أجربها من الأساس).

العالم المفتوح…جميل وخالي..!

عندما نصف عالمًا مفتوحًا بكلمة جميل، يذهب تفكير معظم المستمعين أو القراء إلى لعبة ذات رسوم قوية، وهذا ليس الوضع مع Rise of The Ronin، إذ نجحت في تقديم عالم كبير، يجسد حقبة تاريخية مهمة نراها لأول مرة في الألعاب بشكل عظيم، ولكن ليس من خلال التفاصيل الرسومية، فهذا الجانب كان فقيرًا في اللعبة.

فاللعبة تقدم مستوى رسومي متواضع، يفتقر للتفاصيل التي تفرق المناطق عن بعضها. معظم المناطق هنا عبارة عن بلدات صغيرة ومدن كبيرة، وغابات فيما بينهم. كل هذه المناطق تشبه بعضها ومن الصعب تفرقتها إلا في حالة المدن الكبيرة التي تقدم فروقًا ملحوظة في المعمار. فإحدى المدن تتواجد فيها السفارات والقنصليات الغربية، وبالتالي تتمتع بمعمار غربي أكثر من بقية المدن التي يغلب عليها الطابع الياباني، ومن خلال هذا العالم وجدت نفسي مستمتعًا خلال تواجدي بالمدن المليئة بالمظاهر الاجتماعية والحضارية التي أحببت ملاحظتها، ولكن على النقيض تمامًا، كان التجول بين المدن في العالم المفتوح الخالي مملًا جدًا، ووجدت نفسي أحاول تجنبه باستخدامي الكثيف للسفر السريع.

لا تقدم اللعبة أي شيء يشجع على الاستكشاف، ولم تحاول ابتداع شيء يجعلك تتجول في العالم مثلما فعلت Ghost of Tsuhsima، فالمهام هنا واضحة بشكل صريح بالأيقونات منذ اللحظة الأولى.

حاولت Rise of The Ronin تقديم شيء مستوحى من Red Dead Redemption 2، وهو الأحداث العشوائية في العالم المفتوح، ولكنها قدمت بمستويات ضعيفة وبأسلوب متكرر، إذ تضعك معظمها في معركة مع مجموعة من الخارجين عن القانون الذين يحاولون السطو على أحد التجار في الطريق أو اختطاف أحدهم.

شجرة المهارات والترقية

من ضمن الأنظمة الكثيرة والمترابطة التي تمتلكها لعبة Rise of The Ronin نظام الـBond، والذي يعبر عن قوة علاقتك مع المناطق والأشخاص في اللعبة، فكلما خرجت في مهمة مع شخصية ما، أو اتفقت معه في الرأي خلال الحوارات، أو أهديته الهدايا، زادت قوة رابطك معه، ولعلك تسأل كيف يعود ذلك بالنفع عليك؟ بجانب حصولك مع الوقت على ضربات إضافية يمكنك القيام بها بمساعدة هذه الشخصية، ستتمكن من تعلم الأسلوب القتالي لتلك الشخصيات بشكل أفضل والتقدم فيه، كما أن نهاية القصة ومصائر الشخصيات تحددها علاقتك بهم في النهاية.

أما عن رابطك مع الأماكن والخريطة، فكلما قمت بمهمات أكثر في منطقة ما، أو اكتشاف عدد أكبر من أعلام الـVeild Edge زادت روابطك مع تلك القطعة من الخريطة، وبالتالي تنكشف لك المزيد من المهمات الجانبية التي تمثل طريقك للحصول على المزيد من النقاط.

أما عن نظام ترقية الأسلحة، فهو نظام متوسط العمق، لا يقدم تخصيص عميق كألعاب السولز، ولا يقدم أيضًا شيئًا سطحيًا 100%.

الأسلحة لديها مستوى للضرر، وهو ما ينتج عنه ظاهرة "الأسهم الخضراء والاسهم الحمراء" وهو ما يعني أنك ستضطر لتصبح مقتنياتك بشكل مستمر، واختيار الأغراض ذات النقاط الأعلى، ولكن هذا ليس كل شيء، فتستطيع التخلص من الأسلحة الزائدة، وتفكيكها، وبيعها للحصول على النقود أو الموارد لترقية عتادك. تستطيع أيضًا استخدام التمائم القابلة للجمع لكي تضيف بعض الميزات على الأسلحة، مثل مقدار ضرر الضربات الحرجة (Critical Hits) وغيرها.

أما شجرة المهارات، فتنقسم لللآتي:

  • Strength: مسؤولة عن تحسين مستوى ضررك وقوتك البدنية
  • Dexterity: مسؤولة عن تحسين الأدوات وتأثيراتها
  • Charm: مسؤولة عن تحسين علاقتك مع البيئة والشخصيات
  • Intellect: تعتمد على تحسين مهاراتك الاجتماعية والحصول على مزيد من النقاط

شجرة المهارات مفصلة بشكل رائع، وتضمن لك مزيجًا بين تحسين قدراتك الموجودة وقدرات جديدة تمامًا، وبعضها يقدم إضافة على الحوارات مثل إمكانية التهديد أو الإقناع في بعض الأحيان، والتي تفتح لك إمكانية اختصار الكثير من الحوارات من خلال إجبار الشخصيات أو إقناعهم بإخبارك المعلومات المهمة بشكل مباشر.

شخصيًا، تمنيت لو أن الحوارات تم التركيز عليها بشكل أكبر، وإعطائها التأثير الذي نراه في ألعاب الـRPG خصوصًا وأن Rise of The Ronin مهدت الطريق لهذا الأمر، ولكنه لم يحدث.

اللعب الجماعي التعاوني…4 لاعبين يمكنهم اللعب سويًا

جربنا أيضًا اللعب التعاوني، ومن يعرف منكم ألعاب السولز مثل Bloodborne وElden Ring سيكون على علم بأن هذا الجانب يؤثر بشكل كبير على صعوبة اللعب خصوصًا لو كان صديقك هو الآخر متمرس في أسلوب معارك السولز، وكونها لعبة قصصية هو أمر مفيد أيضًا. يتم اختيار اللاعبين الآخرين سواء بشكل عشوائي أو من خلال إرسال الدعوات من شاشة مخصصة لذلك قبل كل مهمة، ولكن التقدم لا يحتسب سوى للمستضيف، مع احتفاظ اللاعب المُضاف بالنقاط التي جناها والعتاد.

بشكل عام، إنها إضافة مرحب بها بالطبع، ولكنها لا تحاول تقديم أي جديد.

الجانب التقني..دون المستوى ولكن خطوة يمكن البناء عليها

لعبة Rise of The Ronin لا يمكن أن تُنعت باللعبة الجميلة بصريًا، أو المبهرة، ولكن بالرغم من ذلك لديها اتجاهًا فنيًا مميزًا، يعود الفضل فيه إلى المرحلة التاريخية التي تحاول اللعبة تجسيدها. فعلى الرغم من عدم إعجابي بالمستوى الرسومي والتفاصيل، إلا أنني كنت مولعًا باستكشاف المدن الثلاثة الخاصة باللعبة، وملاحظة الفروق بينهم في المعمار، والملابس، والمحال التجارية.

هذا التنوع الحضاري الذي تقدمه اللعبة، من بيئات يابانية خالصة، ببيوت ومدن كاملة من الخوص والخشب، بجانب بنايات أسمنتية بمعمار غربي، مع ملابس غربية رسمية يمكنك تخصيص شخصيتك لارتدائها جعلني أحب اللعبة أكثر بالرغم من ضعف الرسوم.

ضعف الرسوم لم يقف عائقًا أمامي في الاستمتاع باللعبة، ولكن يجب الاعتراف بأن اللعبة ضعيفة، ولا تمتلك الكثير من التفاصيل في أي من بيئتها. عالمها المفتوح خالٍ كما ذكرنا، و الألوان باهتة وتفتقر للمسة الإبداعية التي تجعلها مميزة.

أما عن الأداء، فاللعبة تقدم 3 أطوار تقنية، بدون توضيح ما يستهدفه كل طور. هناك طور الأداء (Performance)، وطور تتبع الأشعة (Ray Tracing)، وطور الرسوم (Graphics). قمت بتجربة الأطوار الثلاثة لأجد مشاكل بالأداء بشكل ملحوظ مع طوري الأداء وتتبع الأشعة، مع فرق طفيف لصالح طور الأداء، ولهذا لا أدري لماذا تم تضمين طور تتبع الأشعة هذا من الأساس في لعبة لا تحتاجه، ولا تستغله!

أما طور الأداء، فكان الأفضل، مع التضحية ببعض التفاصيل الرسومية، ولكن بالنسبة لي ولأنها لعبة ترتكز على المعارك ذات الوتيرة السريعة، فقد كان هذا هو الاختيار الأنسب لي. أما عن معدل الإطارات في هذا الطور، فلم أشعر بأنه كان مستقرًا على 60، ولم تكن تجربتي معه أيضًا خالية تمامًا من تساقط الإطارات، بل صادفت بعضها هنا أيضًا، وأعتقد ان معظم أوقات لعبي كانت بين 40-50 إطارًا بالثانية.

بين الرسوم والأداء المتواضعين، كانت التجربة التقنية أحد جوانب اللعبة القليلة المحبطة، ولكن ينبغي أن نأخذ في عين الاعتبار أن مشروع اللعبة طموح فيما يريد تقديمه من كم وجودة في جوانب عدة، ولذا هو بلا شك تحسن عن ما قدمه الاستوديو نفسه في ألعابه السابقة. لكن ألم يكن من المفترض أن تنفق سوني المزيد على جانب إدارة الجودة لتخرج لنا اللعبة في صورة تليق باسم سوني كناشر؟ أعتقد أن هذا كان أمرًا ضروريًا.

الخلاصة:

بين أنظمة اللعب المألوفة والجديدة التي دمجتها Rise of The Ronin بنجاح، هناك الكثير من المتعة لتحظى بها على الرغم من المستوى التقني الباهت والإبهار البصري الغائب، فإن النجم الحقيقي للتجربة هي الحقبة الزمنية والشخصيات التي ستأخذك لملحمة في واحدة من أهم مراحل دولة اليابان، لتكتب شهادة ميلاد مطور طموح ومجتهد نجح في وضع بصمته على عنوان قد يتحول إلى أروع سلاسل بلايستيشن في المستقبل.