9 سنوات، تلك هي المدة التي ننتظرها منذ آخر إصدارات فريق Rocksteady، أحد أعظم وأقوى ألعاب السوبر هيرو على الإطلاق Batman Arkham Knight. الآن قرر الاستوديو أن يتخذ نهجًا جديدًا كليًا، ويتبع "الترند" الموجود على الساحة بتقديم لعبة خدمية لوتر شوتر من منظور الشخص الثالث، وهدفنا فيها هو قتلة مجموعة الجاستس ليج. للأسف، لم ينجح الفريق في بناء سرد قصصي قوي، والنتيجة النهائية هي لعبة أخرى متواضعة مثل العشرات غيرها التي صدرت على مدار العقد الماضي. إليكم مراجعتنا للعبة Suicide Squad: Kill the Justice League.

قصة Suicide Squad تُقدم فكرة جديدة وشيقة على عالم DC

تقع أحداث اللعبة في مدينة ميتروبوليس حيث تمكن عدو سوبرمان الشهير برينياك من غزو المدينة بجنوده الفضائيين، وهدفه الرئيسي هو تحويلها لكوكب كولو جديد. لتحقيق هذه الغاية، يقوم برينياك بالسيطرة على عقول معظم فرقة الجاستس ليج، باتمان وسوبرمان وفلاش وجرين لانترن، وبعد أن أصبحت الكرة الأرضية على حافة الإنقراض، تتجه أنظار منظمة آرجاس الأمنية لأربعة من مجانين مستشفى الأمراض العقلية في أركام!

يتم إنشاء تاسك فورس اكس، وهي الفرقة الانتحارية المُكونة من هارلي كوين وديدشوت وبومرانج وكينج شارك. هدفهم الرئيسي: قتل الجاستس ليج بأي طريقة ممكنة لإنقاذ الكرة الأرضية والحفاظ عليها من غزو برينياك الفضائي، وإذا فكروا في الهرب، سيتم تفجير القنبلة التي وضعتها منظمة أرجاس الأمنية في عقولهم. فكرة القصة لطيفة للغاية، وتبدأ بداية قوية، بل يمكن قول أنها بداية ممتازة في أول 3 ساعات تقريبًا بتقديم الشخصيات والعالم وخطورة الجاستس ليج الذين يجب أن نتصدى إليهم بمجموعة من المرتزقة والمجرمين الذين كانوا محبوسين بمصحة أركام.

لكن سرعان ما تنقلب الأمور رأسًا على عقب ويبدأ مستوى القصة في الانحدار على مدار الساعات التالية. فرغم أن مستوى الحوارات والمشاهد السينمائية كان محافظًا على تألقه حتى النهاية، إلا أن الأحداث أصبحت غبية ولم تحافظ على إرث الاستوديو بأي شكل من الأشكال، حتى نصل إلى واحدة من أسوأ النهايات التي شهدتها على الإطلاق، وشخصيًا أرى أنه كان يجب فصل هذه اللعبة تمامًا عن عالم أركام الذي بناه فريق Rocksteady سابقًا.

ضفّ على ذلك أن جزء كبير من القصة يتم قضاؤه في المشاهد السينمائية والمتواجدة بكثرة في اللعبة. الفكرة هنا أن المشاهد السينمائية رائعة، لكنها تأخذ وقت كبير من عمر القصة القصير وجزء كبير منها كان هدفه إلقاء بعض النكات السريعة. أيضًا بعض المهام لم يكن لها أي داعٍ في اللعبة خاصةً في النصف الأول من أحداث القصة، مع وجود الكثير من التمطيط الملحوظ لزيادة عمر اللعبة.

قصة اللعبة ليست بطويلة، وهي تقريبًا أقصر الألعاب التي قدمها لنا فريق Rocksteady حتى الآن، حيث يمكن الانتهاء منها في غضون 10 ساعات لعب فقط إذا ركزت على المهام الرئيسية ولم تلفت الانتباه للمهام الجانبية. أما إذا أردت تختيم كل شيء تُقدمه لك اللعبة الآن (قبل التحديثات المستقبلية)، فستحتاج حوالي 20 ساعة لعب تقريبًا، وتلك مدة قصيرة على لعبة لوتر شوتر، ويجب على الاستوديو أن يُسرع في تقديم المواسم القادمة ليضمن استمرار اللاعبين في خوض المغامرات داخل هذا العالم.

أسلوب اللعب مُكرر ومزعج لأبعد الحدود

لعبة لوتر شوتر مثل أي لعبة أخرى

على عكس ألعاب الاستوديو السابقة، فأسلوب اللعب والمواجهات هنا لا يعتمد على القتال قريب المدى ولا مختلف الأفكار والقدرات للقضاء على الأعداء، بل كل ما عليك فعله هو التصويب وإطلاق النيران على الأعداء، وهذا ما تفعله بالأربعة شخصيات عمومًا مع اختلاف بعض القدرات البسيطة لكل شخصية أثناء التنقل والقتال. لكن في المجمل، أسلوب القتال بكل الشخصيات واحد، وتقريبًا كل شخصية تكون قادرة على حمل نفس الأسلحة النارية!

بالحديث عن الأسلحة النارية، فيمكنك الحصول عليها كجوائز بعد كل مرحلة، أو يمكنك تصنيعها عند شخصية الـ Penguin في المقر الرئيسي، ومثل أي لعبة لوتر شوتر، فتقوم بفتح نسخ أعلى من الأسلحة بمستويات أعلى كلما تتقدم في القصة وتواجه أعداء أكثر قوة، ولكن تجربة القتال عمومًا بكل الأسلحة عادية مثل أي لعبة شوتر أخرى، ولا يوجد لها طابع خاص مثلاً يتناسب مع شخصياتنا الأربعة من تاسك فورس اكس.

ما أزعجني هو رغم وجود بعض المهارات والخواص لكل شخصية، إلا أن أساليب القتال عمومًا ليس بها فارق ملحوظ، وكل شخصية منهم ستُقدم لك نفس الشيء تقريبًا. قارن ذلك بواحدة من أسوأ الألعاب التي صدرت في عام 2023 وهي Redfall، وستجد أن حتى Redfall أتقنت هذا الجانب من تصميم العالم المفتوح وقدمت لنا أربعة شخصيات مختلفة تمامًا، وتشعر بهذا الاختلاف أثناء اللعب!

اللعب التعاوني يزيد المتعة نسبيًا

أنا من مُحبي الاستمتاع بالألعاب القصصية بشكل فردي، لكن التجربة التعاونية هنا كانت ممتعة حيث ستقضي وقتًا رائعًا مع أصدقائك تستمتع بقتل الأعداء والضحك على المشاهد السينمائية والنكات التي تُلقيها الشخصيات. يمكنك الاستفادة من اللعب التعاوني أيضًا في تنفيذ بعض الحركات الرائعة مع أصدقائك وخوض مواجهات مميزة مع الأعداء الأكثر صعوبة في خريطة اللعبة.

لكن تلك المتعة لا تكتمل بالقدر الكافي، فنعم يمكنك تجربة اللعبة مع كافة أصدقائك على كافة المنصات المختلفة باللعب المشترك، إلا أن التقدم في اللعبة لا يتم حفظه إلا عند الـ Host (الشخص الذي يقوم بدعوة الآخرين). باقي اللاعبين يتم حفظ تقدم الشخصية ومستواها والأسلحة والمهارات التي يتم فتحها فقط، وسيعودون لنقطة القصة التي كانوا عندها عندما يرجعون إلى عالمهم.

مواجهات الزعماء هي أضحوكة

صراحة لا أدري ما أقول عن مواجهة الزعماء هنا، فتلك كانت أكثر ميزة متحمس لها في اللعبة، ومن لن يتحمس لمواجهة باتمان وسوبر مان وفلاش وجرين لانترن، هؤلاء هم مجموعة من أعظم الأبطال الخارقين التي قدمتهم لنا شركة DC، وبالطبع مواجهة كل شخصية منهم سيكون لها طابعها الخاصة وسنشعر بأننا بالفعل نواجه هذا البطل الذي سيقوم باستخدام كافة مهاراته علينا كمجرمين، أليس كذلك؟

للأسف لا، هذا لا يحدث في Suicide Squad: Kill the Justice League، فكل مواجهة زعيم هنا تقتصر على الآتي:

  • تحصل الفرقة الانتحارية على قدرة مُعينة
  • هذه القدرة تُمكنهم من مواجهة زعيمٍ ما (فلنقل فلاش مثلاً)
  • يتم وضع هذه القدرات في ذخيرة السلاح
  • وفي المواجهة كل ما عليك فعله هو إطلاق النيران على الزعيم

هذا حرفيًا هو كل ما تفعله مع كافة زعماء اللعبة، لا يوجد أي اختلاف بين كل بطل خارق تواجهه، مواجهة باتمان هي تقريبًا نفس مواجهة سوبرمان هي نفس مواجهة فلاش هي نفس مواجهة جرين لانترن، بالطبع مع اختلاف المنطقة التي تواجههم فيها واختلاف بعض الحركات التي يقومون بها. عوضًا عن ذلك، فكل المواجهات هي نسخة طبق الأصل مثلها مثل مواجهة أي عدو آخر عادي في اللعبة، ولا يمكن قول أنها مواجهة زعماء بأي شكل (مع الأخذ في الاعتبار أن المشاهد السينمائية كانت رائعة هنا).

تصميم عالم ومهام مملين

أي استوديو يريد ألا يشغل نفسه بجعل العالم حي يقوم بقلبه لعالم Post Apocalyptic، وهذا ما فعله استوديو Rocksteady مع لعبة Suicide Squad: Kill the Justice League، مؤكدين على أن برينياك والفضائيين قاموا بتحويل البشر إما لفضائيين مثلهم أو لرماد، وهذا بدوره جعل العالم ميتًا لا حياة فيه، وتشعر في النهاية أنك تلعب داخل خريطة أونلاين حجمها كبير بدلاً من خريطة قصصية بها عالم حي يتفاعل معك ويجعلك تشعر أن وجود محسوس داخله.

عالم Batman Arkham Knight رغم أنه كان سوداويًا برسومات مظلمة وقضينا وقتنا في اللعبة طوال الليل فقط، إلا أن الاستوديو تمكن منذ 9 سنوات من جعلك تشعر بالانغماس في هذا العالم، وجعل شخصية Batman لها وجود وحضور قوي مع تفاعل كل شيء من حولك معك، لا أعلم كيف نرجع خطوة للوراء بدلاً من الذهاب للأمام!

أما عن تصميم المهام، فلن أتحدث كثيرًا حيث أن اللعبة تحتوي على 3 أنواع من المهام فقط تقريبًا. المهمة الأولى هي التوجه لمكان وقتل الأعداء والانتهاء من المهمة، المهمة الثانية هي حماية مركبة ونقلها من مكانٍ لآخر في الخريطة، وأخيرًا المهمة الثالثة فكرتها هي الاستمرار في القضاء على الأعداء حتى ينتهي الوقت الذي أمامك على الشاشة. تلك الثلاثة نوعيات من المهام يتم تكرارها على مدار أحداث القصة الرئيسية والجانبية وهذا نفسه هو محتوى الـ Endgame ما بعد القصة، مع وجود بعض التحديات المملة التي لن يستمتع بها اللاعب عمومًا.

شجرة مهارات ليس لها داعٍ

صراحة أنا لا أعرف ما الفكرة من شجرة المهارات هنا أو ما تحاول الوصول إليه أصلاً. شجرة المهارات تنقسم لثلاثة فئات مختلفة لكل شخصية، ولكنك تحصل على نقاط كل فئة بشكل عشوائي أثناء قيامك ببعض المهام، وكل مهارة ما هي إلا عبارة عن بضعة أرقام عشوائية تتزايد في ضررك للأعداء أو تقليل الضرر الذي يحدث إليك مثلاً.

شجرة المهارات هنا لا توجد لها أي فكرة ولا تؤدي مثلاً لجعل اللاعب يُفكر في أي مهارة يُريد اقتنائها قبل الأخرى مما يساعد في تحسين أسلوب لعبه، بل كل شيء عشوائي مثل اللعبة كلها عمومًا. شخصيًا أرى أنه كان من الأفضل قيام الاستوديو بجعل كافة المهارات يتم اكتسابها خطيًا مع تقدم القصة، وهذا بدوره سيقلل من عدد المهارات العشوائية ويجعلهم يركزون على تصميم مهارات تفرق فعلاً في أسلوب اللعب وقتال الأعداء.

رسومات جيدة، وصوتيات خرافية

لعبة Suicide Squad: Kill the Justice League مبنية على محرك Unreal Engine 4، ورغم أن مستوى الرسومات في العموم جيد أثناء اللعب، إلا أنه يكون أسطوريًا أثناء المقاطع السينمائية، وتقريبًا استوديو Rocksteady صرف أكبر قدر من الميزانية على هذه المقاطع لتُصبح بهذه الواقعية والدقة في تفاصيل الرسومات والوجوه وحركة العين والشفاه. كل شخصية من الشخصيات كنت أشعر بتعبيرها وما تحس به عبر تلك المشاهد السينمائية، وهو إتقان فوق الممتاز واستغلال لمميزات المحرك بأفضل شكل.

أما أثناء أسلوب اللعب العادي، فالرسومات كانت "عادية"، لا هي ضعيفة، ولا هي ممتازة، وهذا يرجع للتوجه الفني الخاص بالاستوديو. رغم أن مدينة متروبوليس جيدة من ناحية التصميم، إلا أن ألوانها الكثيرة وتفاصيلها الغير متواجدة تقريبًا جعلتها خطوة للخلف مقارنةً بلعبة مثل Batman Arkham Knight التي صدرت منذ 9 سنوات. حيث كانت مدينة جوثام من أكثر المدن حيوية وجمالاً رغم سوداوية أجوائها.

أما من جهة أخرى، فالصوتيات كانت أسطورية، سواء التمثيل الصوتي لكل الشخصيات والمُتقن لأعلى درجة (وبالتحديد العشق حبيبة القلب هارلي كوين)، مرورًا بالمؤثرات الصوتية للأسلحة والمواجهات، وصولاً إلى الموسيقى التصويرية الخرافية التي تزداد حماسة كلما تقدمنا في القصة، وتصل إلى ذروتها في مواجهة الزعماء ومقاطعهم السينمائية. فريق الصوتيات في Rocksteady أبدع لتقديم تجربة سماعية تجعل أذنك مستمتعة طوال فترة اللعب.


ماذا عن الأداء التقني؟

تجربتي للعبة كانت على حاسوب متوسط بتلك المواصفات:

  • معالج Intel Core i5-10400F
  • 32 جيجا بايت من الرامات DDR4 بتردد 3200 MHz
  • بطاقة رسومية Nvidia GeForce RTX 3050 8 GB
  • تخزين على NVMe SSD M.2

تمكنت من تشغيل اللعبة على دقة 1080p بإعدادات مرتفعة، وكنت أحصل معظم الوقت على إطارات تتراوح بين 50-60 إطار في الثانية، لكنها كانت تهبط في بعض الأحيان إلى 45 مثلاً في المناطق التي بها أعداء كثيرة أو في بعض المشاهد السينمائية التي تحتوي على مؤثرات بصرية. لم أواجه مشاكل تقنية تقريبًا طوال فترة اللعب إلا crash وحيد عندما فتحتها أول مرة، بخلاف ذلك، فاللعبة كانت تعمل بشكل جيد جدًا على الحاسوب.

دعم رائع للغة العربية

تحية خاصة لفريق توطين اللعبة للغة العربية حيث قدّم لنا ترجمة رائعة بمستوى ممتاز وكانت شبه خالية من الأخطاء مع محاولة توصيل بعض النكات للاعب عن طريق تحريفها قليلاً لتناسب اللغة، وهذا أمر رائع لا تهتم له الكثير من فرق التعريب، لكن الفريق وقع في بعض الأخطاء وبعض التعبيرات لم يصل معناها الحقيقي، ولذلك أنصحهم بالاهتمام أكثر في محاولة دراسة لغة الشارع الدارجة بالولايات المتحدة لتُفيدهم بألعابهم المستقبلية.

في النهاية

للأسف، لعبة Suicide Squad: Kill the Justice League هي واحدة من أكثر التجارب المُخيبة للآمال في الفترة الماضية، وقد قضت على الإرث الذي ظلّ استوديو Rocksteady يبنيه على مدار سنواتٍ طويلة. مع وجود اللعبة في التطوير لمدة تتزايد عن 7 أعوام، فكنت أتوقع شيء أفضل من ذلك سواء في السرد القصصي أو أسلوب اللعب، وكنت أتمنى أن يُحافظ الاستوديو على الاستمرار في صُنع تجارب قصصية بحتة بدون الركض وراء "الترند" ليصنع تجربة لوتر شوتر بلا طعم أو رائحة. بسعر 70 دولار، فأنا لا أنصح بشراء اللعبة، وأتمنى أن تكون هذه التجربة بمثابة درس يستفيد منه الاستوديو في ألعابه القادمة.