الذكاء الاصطناعي، كلمة دائماً ما تترد بشكل يومي في الأوساط التقنية ويعتبرها الكثيرون مفتاح التقدم البشري خلال السنوات المقبلة فيما يرى البعض أنها نهاية هذا العالم. كلمة لا يخلوا أي منتج جديد منها ويتسارع المستثمرون لضخ أموالهم في أي شركة تذكرها.

فما هو الذكاء الاصطناعي؟ وكيف يعمل؟ وهل سيدمر عالمنا؟ ولماذا كل هذه الضجة برغم أنه ليس بشيء جديد؟ أسئلة كثيرة سنجيب عنها اليوم في هذا الدليل الشامل حول الذكاء الاصطناعي.

ما هو الذكاء الاصطناعي AI ؟

يطلق مصطلح الذكاء الاصطناعي على قدرة الآلة (الكمبيوتر) على القيام بمهام تحاكي استخدام الإنساء لذكائه قبل التصرف.

مثلاً إذا كنت تقود سيارتك وتود ركنها بجانب الرصيف فإنك ستقوم باستغلال قدراتك على التحليل، التخطيط واستخدام الوسائل المتاحة أمامك بجانب ذاكرتك للقيام بهذه المهمة.

ستستخدم عيناك للبحث عن مكان يتسع لسيارتك، ستستخدم قدرتك على التحليل لتقدير هذه المسافة من خلال مقارنتها بالمسافات التي تعلمها في ذاكرتك، ستستخدم يداك في تحريك عجلة القيادة وستستخدم قدميك في الضغط على دواسة الوقود وهي الوسائل التي تمتلكها. ستخطط لكيفية تكرار العمليات السابقة بحيث تنجح في إتمام مهمتك.

تمكن الآلة من تكرار هذه العملية وحدها وبدون تدخل العامل البشري هو ذكاء اصطناعي. الكمبيوتر تمكن من استخدام مهارات التحليل، التخطيط واستخدام الوسائل المتاحة لحل مشكلة واجهها مثلما فعل الإنسان.

متى ظهر أول ذكاء اصطناعي؟

تعود محاولات تطوير برمجيات تعتمد على الذكاء الاصطناعي إلى أربعينيات القرن الماضي وبالتحديد على يد العالم الان تورينج حيث يعتبر أنه صاحب أول ورقة بحثية في هذا المجال وهو من كتب أول نظرية لبرنامج للعبة الشطرنج ولكن أجهزة الكمبيوتر المتوفرة كانت محدودة للغاية بحيث يتمكن من تطبيق ورقته البحثية.

من الصعب تحديد أول من حول هذه الورقة البحثية إلى برنامج فعلي حيث أن أغلب المحاولات الناجحة كانت في عام 1952 إما في جامعات المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة الأمريكية لذا يصعب تحديد أيهما كان الأول.

أول طريقة لتعلم الآلة machine learning

لإنشاء لعبة شطرنج يمكن أن ينافس فيها الإنسان الآلة كان ولابد من تعليم الآلة كيف تلعب الشطرنج أولاً فيما يمكن أن نعتبره أول محاولة لتعليم الآلة أو ما يعرف بـ machine learning. في هذا الوقت كان الاعتماد على إعطاء الكمبيوتر معلومات وعندما يحتاج الكمبيوتر لحل مشكلة سيقارنها بالمعلومات التي يعرفها.

الصورة مولدة باستخدام الذكاء الاصطناعي

دعونا نأخذ هذا المثال لتوضيح الأمر: ولنفترض أن العالم مكون من مركز تسوق به 8 متاجر فقط. أنت تريد شراء حقيبة، ستمر على كل متجر وتبحث عن الحقيبة، أثناء مرورك بكل متجر ستعرف ما هي المنتجات التي يبيعها وستحتفظ بها في ذاكرتك حتى تصل للمتجر الذي يبيع الحقائب. إذا طُلب منك شراء حقيبة أخرى ستتجه مباشرة إلى نفس المتجر أما إذا أردت شراء الخضروات مثلاً فستتوجه مباشرة إلى متجر الخضراوات لأنك مررت به من قبل وخزنت في عقلك مكانه والسلعة التي يبيعها.

بنفس الأسلوب تم تعليم أول آلة للعب الشطرنج. كل قطعة لديها قيمة تعكس مدى أهميتها، العسكري له مثلًا قيمته 1 والحصان قيمته 3 وهكذا. كل قطعة يمكنها التحرك بصورة معينة، هذه الحركة كانت سهلة بالنسبة لآلة لأن رقعة الشطرنج عبارة عن لوحة تتكون من ثماني صفوف وثماني أعمدة، تقاطعهم يكون 64 خانة وكل خانة لها قيمة ثابتة وهو ما يعني أن الانتقال من خانة إلى الأخرى كان عملية حسابية.

هدف البرنامج هنا هو تقليل القيمة الإجمالية للقطع التي يملكها المنافس. عندما يأتي دور البرنامج للعب يحاول كافة المحاولات الممكنة لتحريك كل قطعة حتى يصل لهدفه. عملية حسابية معقدة كانت تحتاج لإتماماها في هذا الوقت ما يزيد عن 8 دقائق.

في النسخ التالية من هذه اللعبة تم تطوير البرنامج بحيث يمكن للكمبيوتر التعلم من المباريات التي يخوضها حتى يتطور مستواه.

الذكاء الاصطناعي ليس بشيء جديد

كما ذكرنا في السطور السابقة فالذكاء الاصطناعي ليس بشيء جديد بل 25 عامًا فقط تفصلنا عن مرور قرن على أول تطبيق للذكاء الاصطناعي.

الذكاء الاصطناعي موجود منذ سنوات طويلة في كل شيء حولنا. ربما ألعاب الفيديو هي أفضل وسيلة نوضح بها مدى انتشار الذكاء الاصطناعي منذ أكثر من 30 عامًا. كافة ألعاب الفيديو التنافسية بداية من الشطرنج مروراً بالألعاب الرياضية وحتى ألعاب الحروب والنزالات القتالية جميعها مدعوم بالذكاء الاصطناعي. أنت تواجه آلة تستخدم ما لديها من ملعومات وإمكانات في محاولة لمحاكاة الذكاء البشري.

أنظمة القيادة الذاتية، التعرف على الوجه، تحليل الصور واستخارج النصوص، التعرف الصوتي والترجمة الفورية والكثير والكثير من الأدوات التي تستخدمها بشكل يومي هي تطبيقات للذكاء الاصطناعي.

فلماذا إذا كل هذه الضجة على تقنية موجودة منذ 75 عام ومتاحة حولنا في أشياء كثيرة بدون حتى أن ندرك؟

الذكاء الاصطناعي التوليدي Generative AI

الذكاء الاصطناعي التوليدي Gernerative AI هو قدرة الآلة على إنشاء محتوى جديد مثل النصوص، الصور، الصوت، البيانات وحتى البرمجيات بناء على البيانات التي تدربت عليها. هذا النوع من الذكاء الاصطناعي بات متاح لعامة المستخدمين عبر نماذج عدة مثل ChatGPT، Claude، Dall.E، Midjourney, Bard (Gemini), Copilot وهو السبب عزيزي القارئ في كل الضجة الحالية لأنه مختلف تماماً عن أي شيء متعلق بالذكاء الاصطناعي حولنا خلال الخمسة وسبعين عامًا الماضية.

ما الفارق بين الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي؟

نماذج أو تطبيقات الذكاء الاصطناعي التقليدية تعتمد في الأساس على مقارنة ما لديها من معلومات بما تطلبه منها بينما الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكنه دمج ما لديه من معرفة لإنشاء ردود جديدة لم يسبق أن تعرض لها من قبل.

أي برنامج أو تطبيق للذكاء الاصطناعي قبل عدة سنوات كان يعتمد في الأساس على مقارنة البيانات والعمليات التي تدرب عليها مع ما تطلبه منه. إذا علمت البرنامج أو بالأدق "النموذج" على أن هناك تفاح أحمر وآخر أخضر وزودته بصور للتفاح وبعض المعلومات عنه ثم سألته عن التفاح، سيخبرك بالمعلومات التي دربته عليها، وإذا طلبت منه صورة للفتاح سيخرج لك إحدى الصور المخزنة في ذاكرته أو قاعدة البيانات المتصل بها.

وأقصى ما يمكنه الوصول له هو التنبؤ، فإذا اعطيته صورة لشجرة تفاح وسألته متى ستسقط التفاحة على الأرض سيتوقع الموعد بناء على المعلومات التي يمتلكها عبر مقارنة شكل التفاح الذي يسقط على الأرض بشكل التفاح في الصورة التي أعطيته إيها عند تدريبه.

نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكنها القيام بما هو أكثر من ذلك. يمكنك أن تطلب من النموذج صورة لشجرة تفاح أزرق في القطب الشمالي. صورة غير حقيقية ولا يمكن تحقيقها على أرض الواقع ولم يتدرب عليها النموذج ولكنه تدرب على ملايين من صور التفاح وملايين الأشجار وعلى اللون الأزرق وعلى خصائص القطب الشمالي.

هذا النموذج يمكنه جمع كل المعرفة التي يمتلكها عن طلبك ودمجها لإنشاء شيء جديد كلياً لم يتعرض له من قبل وهو شجرة التفاح الزرقاء في القطب الشمالي في مثلنا هذا.

بالتأكيد هذا المثال هو مقارنة بسيطة بين نماذج الذكاء الاصطناعي ونماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي ولرؤية فارق أكبر يمكنك مثلًا إلقاء نظرة على نموذج Sora لتوليد مقاطع الفيديو من النصوص. بعض الكلمات يمكنها أن تصنع لك فيلم سينمائي. يمكنك كذلك أن تلق نظرة على Voice Engine، هذا النموذج الذي يكفي أن تعطيه تسجيلاً مدته 15 ثانية ليستنسخ صوت إنسان بل ويتحدث بنفس اللكنة أي لغة تريدها.

أو ببساطة يمكنك التوجه إلى chat.openai.com وتطلب منه أن يكتب لك جواب باللغة العربية تطلب فيه إجازة من العمل بصورة تقنع مديرك أثناء فترة ضغط العمل واقرأ الإجابة التي ستبهرك.

ملاحظة: الذكاء الاصطناعي التوليدي ليس شيء منفصل عن الذكاء الاصطناعي بل هو نسخة متطوره منه ويحمل كل سماته وقدراته.

كيف يعمل الذكاء الاصطناعي التوليدي؟

بصورة مبسطة يعتمد الذكاء الاصطناعي التوليدي على عملية تسمى التعلم العميق Deep learning لتحليل كميات ضخمة من البيانات والانماط المستخدمة فيها ثم يعيد استخدام هذه الأنماط في إنشاء محتوى جديد يبدو وكأنه من إنتاج الإنسان.

عملية التعلم العميق هي إحدى أنواع تعلم الآلة وتعتمد في علمها على شبكة عصبية أو كما هي معروفة باسم Neural Network وهي المسؤولة عن تحليل البيانات وأنماطها. ناتج عملية تحليل الأنماط في النماذج اللغوية Language Models (نموذج متخصص في توليد النصوص)هو أن النموذج أصبح قادراً على توقع المواضيع المتعلقة بالأوامر التي تطلبها منه بصورة عالية الدقة مما يجعل إجابته صحيحة.

بشكل أبسط إذا طلبت من إحدى النماذج اللغوية المتاحة حالياً مثل ChatGPT أن يكمل جملة "الشمس تشرق من …" سيكون رده بكل تأكيد "المشرق".

وصل هذا النموذج اللغوي إلى هذه الإجابة عبر تحليله لملايين المواضيع المتعلقة بالشمس، الكرة الأرضية، المجموعة الشمسية، حركة الكرة الأرضية إلخ.. ومن خلال كل هذه المعلومات قام بالربط بين كل هذه العناصر وبعضها وهي عملية تحليل الأنماط الذي تحدثنا عنها.

الآن إذا طلبت من هذا النموذج أن يكتب لك بحثاً عن المجموعة الشمسية فإنه يدرك جيداً الأنماط المتعلقة بهذا الموضوع وبناء عليه سيتوقع الإجابة التي سيعطيها لك. هذا التوقع قد يكون صحيح بنسبة عالية جداً نتيجة أن النموذج تم تزويده بكميات مهولة من البيانات.

هذا التوقع مختلف عن أي نص مخزن في قاعدة البيانات التي تدرب عليها النموذج لأنه قادر ليس فقط على تحليل الأنماط بل على الاحتفاظ بكل معلومة بصورة منفصلة وإعادة جمعها لتوليد شيء جديد.

الوصول لهذه المرحلة احتاج سنوات طويلة ومراحل كثيرة من التطور بدأت بأن يتم تعليم النموذج كل شيء حتى وصلنا اليوم للمرحلة التي يتم فيها تزويد النموذج بالبيانات ويتم تركه للتعلم بدون تدخل بشري.

السطور السابقة قد تبدوا معقدة نوعاً ما ولكن هذا يرجع إلى صعوبة العملية نفسها. ما تقرأه هو صورة مبسطة من عمل آلاف المهندسين في شركات مختلفة واستثمارات بالمليارات في العلم والعتاد المطلوب الذي أوصلنا لما نحن عليه الآن.

ما هي أشهر نماذج الذكاء الاصطناعي؟

النماذج اللغوية:

  • نموذج ChatGPT
  • نموذج Gemini ( نموذج Bard سابقاً)
  • نموذج Copilot
  • نموذج Claude
  • نموذج Charachter.AI
  • نماذج توليد الصور:

  • نموذج Dall.E
  • نموذج Midjourney
  • نموذج Adobe Firefly
  • النماذج المذكورة هي أشهر نماذج مجانية يمكن لأي شخص استخدامها إما بصورة مباشرة أو عبر نماذج أخرى. يوجد أضعاف هذا العدد من النماذج المتاحة بصورة تجارية منها نماذج توليد الأصوات أو الفيديو أو حتى الروايات ولكننا جلبنا لكم أشهرهم وأسهلم استخدامًا.

    يمكنكم الاطلاع على نماذج أكثر تنوع وأدوات أخرى مفيدة عبر هذا الموضوع:تواصل مع الذكاء الاصطناعي | 7 مواقع ذكية قادرة على تغيير حياتك للأفضل

    يمكنك أيضاً الاطلاع على دليلنا المخصص لاستخدام نموذج جوجل Gemini: الذكاء الاصطناعي بين يديك | كيف تستخدم شات جيميناي؟

    يوجد أيضاً نماذج مخصصة للمطورين. بعض النماذج اللغوية المذكورة مثل أول ثلاثة يمكنهم توليد وتحليل الأكواد البرمجية كما يمكن الاعتماد على Github Copilot أو النسخة الاستعراضية من Devin.

    هل يستبدل الذكاء الاصطناعي البشر؟

    على المدى القريب أي خلال الفترة من 10 إلى 20 عامًا لن يتمكن الذكاء الاصطناعي من استبدال البشر بصورة كاملة. سيقوم بالتأكيد بتقليل فرص بعض الوظائف لأنه قادر على القيام بأدوارها. الأمر أشبه بظهور الآلات وكيف خفضت عدد العمال في المصانع وظهور الكمبيوتر واختفاء مهنة الكاتب وظهور الإنترنت وتأثر المكتبات والعاملين فيها.

    وكما سيقضي الذكاء الاصطناعي على بعض الوظائف فإنه سيخلق وظائف أخرى. تطور البشرية والآلة هو أمر طبيعي طوال التاريخ الإنساني ويتطلب من الإنسان تطوريه لنفسه باستمرار فالموظف الذي كان يكتب الجوابات منذ 30 عامًا لو لم يتعلم استخدام الكمبيوتر لما كان يعمل حتى اليوم.

    أما على المدى البعيد فإن الذكاء الاصطناعي سيستبدل البشر ليس فقط بسبب الرأسمالية وهدفها في الحصول على أعلى إنتاجية بأقل تكاليف مهما كان الثمن ومهما كان المتضررون، بل لأن الذكاء الاصطناعي سيصل إلى مستوى من الذكاء يساوي ذكاء الإنسان أو يفوقه فيما يعرف بالـ AGI أو الذكاء الاصطناعي العام.

    ما هو الذكاء الاصطناعي العام AGI ؟

    الذكاء الاصطناعي العام هو مستوى من الذكاء الاصطناعي يساوي أو يتفوق على مستوى الذكاء البشري. قد لا يتربط هذا المستوى من الذكاء بوصول الآلة لوعي مماثل لوعي الإنسان.

    الوصول لهذا المستوى من الذكاء الاصطناعي سيغير عالمنا بصورة لا يمكن تخيلها. استبدال البشر في كافة المجالات سيكون مسألة وقت بمجرد الوصول للـ AGI.

    تختلف التوقعات حول موعد الوصول للـ AGI. هناك أراء مثل رأي الملياردير الأمريكي إيلون ماسك أننا سنصل للـ AGI في غضون 5 أعوام على الأكثر، قد يكون الأمر مبالغاً ولكن سرعة تطور النماذج المتاحة حالياً والتطور السريع في العتاد المستخدم قد يجعل كل شيء ممكناً.

    رأي آخر يرى أن شركة مثل OpenAI قد وصلت بالفعل للـ AGI نظراً لأن كبار المسؤولين بالشركة يرون أن نماذجهم الحالية ليست الأقوى. يرجح البعض أن هذه الرؤية يقف ورائها اكتشافات أضخم بمراحل يجعل ممثلوا الشركة يتحدثون في كل مناسبة بهذا الأسلوب. استثمارات مايكروسوفت المهولة في الشركة وظهور مديرها التنفيذي بل وتصدره المشهد في أزمة Sam Altman المدير التنفيذي للشركة يظهر مدى اهتمام مايكروسوفت بالأمر ما يعزز هذه النظرية.

    وبين هذا وذاك أرى في رأيي الشخصي أنه حتى إذا وصلنا للـ AGI فإنه لن يستبدل الإنسان بشكل كامل لعدة أسباب. أولًا الـ AGI لن يظهر من العدم بل سنمر مبراحل عديدة قبل وصوله وسيضطر الكثيرون لإعادة تقييم وضعهم ووظائفهم قبل أن يجدو أنفسهم بدون عمل وهو أمر تكرر كثيراً خلال حياة الإنسان على هذا الكوكب.

    ثانياً تكلفة تشغيل أو استخدام نموذج بهذه القوة سيكون أمراً مكلفاً للغاية خاصة في الدول النامية وسيظل الاعتماد على الإنسان أقل تكلفة خاصة في الوظائف البدائية التي تتطلب مجهود بدني.

    ولعل أفضل مثال أدعم به رؤيتي هي أنظمة القيادة الذاتية. مر أكثر من 10 سنوات على إتاحة أنظمة القيادة الذاتية في السيارات. لم يستبدل السائقون ولم يختفوا ولم تختفي وظيفة سائق الشاحنات أو سائق سيارات الأجرة بل أصبحت القيادة الذاتية أداة يستخدمونها وأمامنا فترة لا بأس بها قبل أن تبدأ أنظمة القيادة الذاتية في استبدال السائقين.

    متى يجب أن نشعر بالخطر؟

    شعرونا كبشر بالخطر تجاه هذا التطور أمر طبيعي. أنت تسمع كل يوم حديث أنه سيتم استبدالك بآلة، وبرغم أن الأمر يحمل قدراً من التهويل إلا أننا لا يجب أن نأمن بصورة كاملة لما يحدث لأن الخطر ليس بعيدًا.

    اللحظة التي يولد فيها الذكاء الاصطناعي وعيه الخاص أو يخرج عن سيطرة مطوريه ستكون هي لحظة اللاعودة التي إن وصلنا لها يجب أن نشعر جميعنا بالخوف تجاه الذكاء الاصطناعي.

    هذا الموقف حدث مرة واحدة فقط حتى الآن عندما أنشأ فيس بوك نموذجين مبنيين على الذكاء الاصطناعي وقام بتوصيلهما ببعضهما البعض وعلمهما كيف يتواصلان معاً ليتفاجئ مهندسو الشركة بأن النموذجين قد طورا لغة جديدة للتواصل بينهما. فيسبوك أعلنت حينها أنها أوقفت التجربة على الفور ولكن أحد لا يعلم إذا ما كانت الشركة قد أوقفت التجربة فعلاً أما أنها فعلت شيء آخر.

    مواضيع ذات صلة:

    في النهاية لا يجب أن نفزع من كل شيء يقال، بل يجب أن ندرك جيداً أن السبيل الوحيد للبقاء هو التطور المستمر وإلا سنجد أنفسنا عاجزين عن اللحاق بالزمن مثلما كان الكثيرون في الماضي.