13 سنة انتظرناها لنعرف معنى جملة "إنها ليست مجرد بحيرة، بل محيط". 13 سنة من تلميحات استوديو Remedy في ألعابهم ودمج القصة بعناوين أخرى. 13 سنة طويلة شوقتنا أكثر لمعرفة تكملة الرواية الأسطورية لكاتبنا المحبوب، ولحسن الحظ، فالجزء الثاني كان مُفاجئًا ويستحق كل ذلك الانتظار. فإن Alan Wake II ليست فقط أفضل ألعاب الاستوديو على الإطلاق بقصتها العبقرية ذات أسلوب السرد السينمائي الممزوج بأفكار رعب وبقاء مُبتكرة، بل هي وبدون شك تجربة استثنائية وتضع نفسها بمكانة عالية كأحد أفضل الألعاب في هذه النوعية، رغم أن ذلك هو أول توجه للاستوديو في عالم الرعب. إليكم مراجعتنا لواحدة من أقوى ألعاب عام 2023.

هذه القصة وحش… والوحوش ترتدي أوجه عديدة

إبداع المخرج Sam Lake يظهر بأفضل أشكاله في سرد قصة Alan Wake II ، حيث أجدها أحد أفضل القصص التي قُدمت على الإطلاق حتى الآن، حيث نعيش قصة شخصيتين ونستكشف عالمين في آنٍ واحد. فنجد أنفسنا أمام تهديد سلسلة من جرائم القتل الشعائرية لبلدة Bright Falls، وتصل العميلة الفيدرالية Saga Anderson ورفيقها Alex Casey للتحقيق في جرائم القتل تلك، لكن سرعان ما يتحول تحقيقها إلى كابوس حيث تكتشف صفحات من قصة رعب بدأت تتحول إلى حقيقة من حولها، ويغزو الظلام مدينة Bright Falls مهددًا حياتها وحياة كل السكان المحليين.

أما بالنسبة للعالم الآخر، فبطلنا فيه هو Alan Wake، الكاتب المفقود العالق في كابوس خارج عالمنا لمدة 13 عام، حيث يكتب قصة سوداوية في محاولة لتشكيل الواقع من حوله والهروب من سجنه. كل هذا يحدث أثناء مطاردة الكيان المظلم له في مدينة نيويورك الخارجة عن عالمنا والمليئة بالأحداث المظلمة والأشباح المُريبة، ولا يمكن لـ Alan أن يفعل أي شيء سوا أن يحاول التغلب على الشيطان في لعبته ليهرب!

فما علاقة Saga Anderson بـ Alan Wake؟ وكيف يترابط عالمنا الواقعي مع المكان المظلم سويًا؟ كلها أسئلة ستحاول اللعبة الإجابة عنها في غضون 20 ساعة لعب، وستجد أن اللعبة تفتح آفاقها أكثر وأكثر بإضافة المزيد من الشخصيات والخيوط السردية، وبوصولك لشاشة النهاية ستنصدم من كافة الالتواءات الحبكية التي وضعتها اللعبة أمامك مع وجود المزيد من الأسئلة الغير مُجاب عنها تمهيدًا لعناوين استوديو Remedy المستقبلية.

وبالطبع لا يمكننا أن نتحدث عن Alan Wake II بدون ربطها بلعبة Control حيث يعمل استوديو Remedy الآن على بناء عالم خاص به يضم أكثر من عنوان، وتواجد الـ Federal Bureau of Control ظاهر وبقوة في لعبة Alan Wake II سواء في مشاهد وحوارات القصة الرئيسية، أو في بعض المستندات الجانبية التي يمكنك قراءتها لمعرفة تفاصيل أكثر حول هذا العالم وقصته الملتوية التي تزداد تعقيدًا أكثر وأكثر كلما تقدمت في أحداث اللعبة وقابلت المزيد من الشخصيات.

بالحديث عن المستندات، فأعجبني في Alan Wake II أنها لا تشرح لك كل شيء عبر أحداث القصة الرئيسية ومشاهدها السينمائية فقط، بل توجد الكثير من الأوراق والحوارات الجانبية التي يمكنك الانغماس فيها لمعرفة تفاصيل أكثر وللإجابة عن بعض الأسلحة المُلحة التي ستتواجد بعقلك طوال رحلتك في Bright Falls و الـ Dark Place.

أسلوب السرد الإبداعي والروائي يظهر في كافة أحداث Alan Wake خاصةً مع تداخل المشاهد الواقعية الـ Live Action مع مشاهد اللعب السينمائية لخلق تجربة جديدة ومُبتكرة تُذكرنا كثيرًا بـ Quantum Break، وشخصيًا أجد أن هذا التوجه سيُشكل مستقبل وعالم استوديو Remedy بشكل كبير في السنوات القادمة، وأتمنى تكرار الأمر في إضافات Alan Wake II ثم لعبة Control 2 مستقبلاً.

من كان يعلم أن أول توجه للاستوديو في ألعاب الرعب سيكون بتلك الاحترافية؟

الرعب والبقاء في أفضل مستوياتهما

ما يجعل Alan Wake II مختلفة عن كافة ألعاب الاستوديو السابقة هي أنها أول تجربة رعب وبقاء يعملون عليها بدلاً من جعلها لعبة أكشن ومغامرات، وقد صدمني الاستوديو من مدى فهمهم لكيفية صُنع لعبة رعب وبقاء رغم أنه أول توجه لهم في تلك النوعية من الألعاب. اللعبة ليست سهلة ومواجهاتها ليست بسيطة، فأنت لا تصوب وتُطلق النيران فقط، بل يجب عليك التركيز مع كل عدو على حدى ومحاولة تفرقتهم حتى تتمكن من توجيه ضوء المصباح اليدوي عليهم لتُزيل قوى الظلام من أجسادهم وتتمكن بعدها من قتلهم.

الحركة هنا ثقيلة على عكس Control، ويمكننا اعتبارها أقرب للعبة مثل Resident Evil 4 Remake مثلاً. إدارة الموارد تلعب دور كبير في Alan Wake II كلما ترتفع في مستوى الصعوبة لأن الذخيرة تُصبح أقل ومواد العلاج أيضًا تُصبح أقل، وفي المقابل تضعك اللعبة في مواقف أصعب كلما تقدمت فيها تطلب منك إدارة قوية للموارد وكيفية توظيفها.

رغم أن لعبة Alan Wake II هي تجربة سينمائية شبه خطية من البداية للنهاية، إلا أنها تترك لك حرية كاملة في الاستكشاف وحل الألغاز بدون ما تحاول التلميح بذلك الحل، ولا تسمع البطل أو شخص يساعده يقول "همممم، من الممكن أن تفعل ذلك لتحل اللغز". لحسن الحظ، فاستوديو Remedy لم يستعن بأفكار God of War Ragnarok الغريبة في حل الألغاز، وقدّم لنا تجربة حل ألغاز مُرضية تضعك أنت اللاعب في وسط الصورة وتترك لك الحرية في التحقق من أرجائك لمعرفة حل اللغز بنفسك.

بالحديث عن الحرية، فعالم Alan Wake II مُقسم لمجموعة من المناطق سواء في Bright Falls أو الـ Dark Place، وتوجد الكثير من المناطق الجانبية التي يمكنك التوجه لها أو عمل Backtracking مستقبلاً عندما تفتح إضافات مُعينة حتى تحصل على المزيد من الموارد وتحل كافة الألغاز. عالم اللعبة مُصمم بنظام شبه مفتوح نسبيًا يُمكنك من استكشافه بالشكل الذي تراه مناسبًا، أو يمكنك التغاضي عن ذلك تمامًا إذا أردت التركيز على القصة فقط.

الرعب هنا نفسي عمومًا متعلق بالأجواء والمناطق التي تتنقل فيها، ولكن استوديو Remedy استخدم بعض الخضات في الكثير من المواقف بذكاء خارق جعلني أقفز من على الكرسي بضعة مرات. الاستوديو لا يضع أي مؤثرات صوتية في بعض الأحيان ويتركك تنغمس في عالم اللعبة، وفجأة بدون أي مقدمات تجد خضة أمامك على الشاشة تجعلك تصرخ. هذا هو الاستخدام المثالي للخضات!

اللعب بشخصية Saga يجعلك تشعر وكأنك داخل لعبة Resident Evil

زاد حماسي للعبة Alan Wake II منذ أن رأيت أول مقطع لأسلوب اللعب في مايو الماضي حيث وجدتها شبيهة جدًا بريميك Resident Evil 4 الذي كنت أعتبره أفضل لعبة رعب في العام قبل إطلاق Alan Wake II. وها هي اللعبة تُعطينا نفس الإحساس بل وأفضل خاصةً وأن الحركة أثقل ومن الممكن أن تموت من ضربات بسيطة للغاية.

التحرك في غابات ومدينة Bright Falls بشخصية Saga يُعيد ليّ الكثير من ذكريات Resident Evil 4 بمتعتها الرائعة، ولكن هذه المرة الأمر أصعب وأكثر رعبًا ككل. من المحتمل أن تلقي حتفك سريعًا في المواجهات إذا لم تتمكن من زيادة صحتك، والفكرة هنا أن زيادة الصحة من الصعب تنفيذها أثناء المواجهة لأنها تأخذ وقت (ليس بنفس بطئ لعبة The Callisto Protocol مثلاً، ولكن الأمر يزيد من خطورة موتك.

إحساس حل الألغاز في الغابات ومحاولة فتح الأبواب والبحث عن الأكواد التي نحتاجها هو نفس إحساس تجربة ألعاب Resident Evil، وسعيد أن استوديو Remedy تمكن من أسر الفكرة خلال تجربتهم الأولى لصُنع لعبة رعب، بل وجعلوها أكثر متعة وإثارة. الأصوات التي تسمعها في هذه الغابة مخيفة، وأظن أنني فُجعت هذا العام من الذئاب في Alan Wake II أكثر من أي شيء آخر!

لدى Saga ما يُسمى بالـ Mind Place، وهو مكان تستجمع فيه أفكارها وتحاول حل القضايا بربط الألغاز والأدلة ببعضها البعض، وشخصيًا وجدتها فكرة جميلة ذكرتني كثيرًا بمسلسل True Detective، و أشعرتني بمدى صعوبة عمل مكتب التحقيقات الفيدرالي في محاولتهم لحل القضايا.

عالم Silent Hill يعود للحياة عند اللعب بـ Alan Wake!

لقد مرت سنوات كثيرة منذ أن حصلنا على تجربة شبيهة بـ Silent Hill، وفي الوقت الذي ننتظر فيه ريميك Silent Hill 2، يأتي استوديو Remedy ويقدم لنا أحد أفضل ساعات الرعب بالتاريخ عندما تتحول القصة ونبدأ عيش حياة Alan Wake في المكان المظلم. هذا هو تصميم مراحل وأسلوب لعب وألغاز على أعلى مستوى ممكن بكمية جديدة من الأفكار والابتكارات صادمة لم أتوقع رؤيتها في لعبة من استوديو يُقدم لنا أول لعبة رعب في تاريخه!

نتشارك Alan Wake رحلته في محاولة كتابة قصة Initiation للخروج من المكان المظلم، وكتابة القصة تلك تأخذنا لمجموعة من المناطق المختلفة بمدينة نيويورك، وكل منطقة فيهم يمكن اعتبارها مرحلة عملاقة منغلقة على نفسها بوجود أفكار إبداعية رائعة. على سبيل المثال، أول مكان ستزوره بـ Alan Wake هو محطة مترو الأنفاق، وتقريبًا تلك هي أكثر محطة مترو مخيفة رأيتها في حياتي.

على عكس Saga، فإن Alan Wake لا يمتلك Mind Place، بل لديه الآلة الكاتبة الخاصة بها والتي يستخدمها بشكل متكرر خلال تنقله في المراحل للتغيير بشكل شامل من شكلها في غضون ثانية واحدة فقط، وهذه الفكرة يتم التركيز عليها طوال رحلته بمدينة نيويورك لحل الألغاز ومعرفة أحداث القصة والرواية التي يعيشها داخل المكان المظلم. أما عن المواجهات نفسها، فمثلها مثل مواجهات Saga ضد أعداء الـ Taken في مدينة Bright Falls، ولكن المكان هنا أكثر رعبًا.

أما مدينة نيويورك نفسها، فهي المكان الوحيد الذي نقل ليّ نفس إحساس مدينة Silent Hill. مكان مظلم وكئيب ممتلئ بالضباب من كل اتجاه ولا تعرف ما الذي سيظهر لك إذا خطوت بضعة خطوات للأمام. مع وجود كمية أصوات وأشباح على جانبي الطريق يجعلون حياتك جحيمًا، فأنت لا تعرف من منهم سيهاجمك، ومن منهم مجرد شبح في المكان المظلم. إحساس الرهبة والخوف المستمر كان دائمًا حاضرًا أثناء التجول في مدينة نيويورك.


لعبة Alan Wake II تضع معيارًا جديدًا للرسوميات!

يجب أن نقف قليلاً عند الحديث عن رسومات لعبة Alan Wake II، فتلك هي أكثر تجربة جيل جديد رأيتها حتى الآن، وهي أكثر لعبة في التاريخ تمكنت من نقل إحساس الرعب والغموض والانغماس في العالم، وكل هذا بسبب محرك Northlight الإبداعي الخاص بالاستوديو الذي يقف الآن أمام Unreal Engine 5 كأحد أفضل المحركات المتواجدة في صناعة الألعاب بتقديم أفضل رسومات من الممكن تخيلها!

قبل أن نتحدث عن التفاصيل الرسومية نفسها للعبة Alan Wake II، فيجب أن نُعطي محرك Northlight حقه حيث تطور بشكل ملحوظ في آخر 4 سنوات منذ إطلاق لعبة Control. المحرك الآن أصبح يدعم تقنيات الجيل الجديد بالكامل مثل الـ Path Tracing على منصة الحاسب الشخصي، ولكن لعل الشيء الأكثر إبهارًا هو أنه ثاني محرك بعد Unreal Engine 5 يدعم خاصية الـ Software Raytracing (المعروفة بإسم Lumen في UE5) لتقديم إنعكاسات وإضاءة وظلال واقعيين بدون الحاجة لأن يكون العتاد نفسه داعمًا لتتبع الأشعة.

أما بالحديث عن الرسومات نفسها، فتلك وبدون نقاش هي أفضل لعبة صدرت حتى الآن من الناحية البصرية، واستوديو Remedy قرر أخذ توجه واقعي مع رسومات اللعبة، وهذا هو أكثر طابع يليق مع لعبة رعب مثل تلك. شهدنا إهتمام كبير بتفاصيل البيئات وانعكاس الظلال على الأسطح وتداخل إضاءة البيئة وضوء كشاف اليد ليُعطيا الصورة منظرًا واقعيًا ومُخيفًا، وكل هذا ممزوجًا بـ Textures على أعلى مستوى من الدقة والجودة لتخرج لنا الصورة النهائية كمنظر حقيقي واقعي وليس لعبة فيديو.


إبداع المستوى الرسومي للعبة Alan Wake II يظهر في تفاصيل الشخصيات، فاستوديو Remedy استخدم الـ Motion Capture لالتقاط كل الحركات والـ Animations في اللعبة لدرجة أن الحوارات الجانبية مع الشخصيات المتواجدة في بيئة اللعبة تعتبر واقعية أكثر من حوارات رئيسية متواجدة في ألعاب أخرى. حركة الشخصيات والشفاه وتعابير الوجوه رهيبة، وتلك هي أول مرة أشعر أن الشخصية التي تتواجد داخل عالم اللعبة تتحدث معي بالفعل وتوجه ليّ نظرات وتعابير مختلفة.

أما بالحديث عن البيئات التي تقع فيها أحداث Alan Wake II، فلدينا الغابات ومدينة Bright Falls أثناء الاستمتاع برحلة Saga والتي تكون معظم أحداثها داخل الغابات مُحاطًا بالأشجار الكثيفة والمرتفعة التي يخرج من ورائها الأعداء فجأة لمواجهتك، وهذه المنطقة جعلتني أتذكر كثيرًا جزء كبير من رحلتي في لعبة مثل The Last of Us أو Resident Evil 4. أما بالنسبة للأحداث التي نعيشها مع شخصية Alan Wake في المكان المظلم، فكلها داخل مدينة نيويورك الخارقة للطبيعة والخلابة للعين في ليلة شتوية مظلمة ممتلئة بإضاءات النيون المُبهرة للعين، مع وجود الكثير من الأفكار الإبداعية الغير واقعية في التصميم ما جعلها تجربة أقرب لعالم Silent Hill.

الأجواء عمومًا في Alan Wake II أسطورية سواء في Bright Falls أو الـ Dark Place، وكل منطقة منهما تنقل لك كلاعب إحساس الوحدة الغريب، الساحر، والمُخيف في نفس الوقت، وكأنك تعلم في داخلك أن شيئًا ما سيخرج لك من خلف هذا الباب القادم ليخضك ويدخل معك في مواجهة حتى الموت.

بالطبع لا يمكننا الحديث عن تقديم اللعبة السينمائي بدون الحديث عن مشاهد التمثيل الواقعية الـ Live Action. تدمج Alan Wake II مشاهد اللعبة السينمائية نفسها مع مشاهد واقعية يُمثل فيها الممثلين الحقيقيين الذين يقومون بأدوارهم داخل اللعبة مثل Ilkka Villi و Sam Lake و Melanie Liburd، وكلهم قدموا أدوار احترافية جعلتني أود مشاهدة المزيد من المشاهد الحقيقية لأنها كانت إبداعية وأضافت الكثير على القصة مثلما فعلت لعبة Quantum Break في 2016.

تمثيل أسطوري، وموسيقى تصويرية تأسر روح الرعب

اختيار مثالي لأدوار البطولة وكافة الشخصيات الجانبية

دائمًا ما تعودنا من ألعاب Remedy على أن التمثيل الصوتي والحركي فيها يكونا رائعين، ولكن لعبة Alan Wake II أخذت الأمر لمستوى جديد تمامًا من العظمة والإبداع بالتركيز على نقل إحساس الممثلين لك كلاعب عبر مشاهد سينمائية مُصورة بطريقة خلابة للعين ودمجها بمشاهد واقعية في بعض الأحيان حتى نرى تعابير الممثلين الحقيقية والقصة تنسرد أمام أعيننا.

لدينا بطلنا Alan Wake الذي يتم تمثيله من قبل ممثلين اثنين، Ilkka Villi الذي يعمل على التمثيل الحركي و Matthew Porretta كممثل صوتي، وتمكن الاثنين سويًا من نقل مشاعر Alan Wake الذي يموت من الخوف مرارًا وتكرارًا في المكان المظلم، وكمية المعاناة والضغط النفسي الذي يتعرض له من المشاهد الغريبة التي يراها داخل هذا المكان والحلقة المستمرة التي لا تنتهي لمدة 13 عام!

ثم نأتي لبطلتنا الثانية في اللعبة المحققة Saga Anderson والتي تُمثلها العبقرية Melanie Liburd، ولعلها أفضل بطولة نسوية رأيتها في لعبة حتى الآن. نقلت لنا الممثلة إحساس أم وحيدة في مكانٍ معزول تحاول الاطمئنان على ابنتها التي تعلم أنها على قيد الحياة، في الوقت الذي يؤكد لها الجميع أنها ماتت غرقًا، وفي نفس الوقت تصارع الزمن لإنقاذ سكان مدينة Bright Falls ورفيقها المحقق Alex Casey. ورغم أن كل الظروف الصعبة تتصاعد أمامها، إلا أنها تظل صامدة و واقفة على قدميها ضد قوى الظلام. هكذا كيف تُقدم بطلة أنثوية في لعبة بدلاً من حشرها في التجربة لمجرد أنها "أنثى".

لدينا أيضًا Sam Lake مخرج اللعبة العبقري الذي يتواجد بجسده داخل اللعبة كشخصية المُحقق Alex Casey، وقد استعانوا بـ James McCaffrey (ممثل Max Payne) لتقديم التمثيل الصوتي للشخصية، ولعل هذا المزيج المثالي هو أكثر شيء يُحمسنا لريميك Max Payne 1 و 2 مستقبلاً، فقدرات المخرج Sam Lake على نقل تعابير الجسد ممزوجة بقدرات James McCaffrey في نقل تعابير الصوت هي أسطورية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

ضفّ على ذلك كمية الشخصيات الجانبية التي تملاً عالم Alan Wake II سواء في مدينة Bright Falls أو الـ Dark Place والتي تم تقديمها بإحترافية كبيرة، مع ظهور الـ Federal Bureau of Control ودورهم المستمر في هذا العالم والذي سيصل لمستويات جديدة كليًا مع إضافات Alan Wake II ولعبة Control 2. نحن أمام تمثيل صوتي وحركي من أفضل ما رأينا في تاريخ صناعة الألعاب، بل يتفوق وبمراحل على بعض الأفلام والمسلسلات أيضًا!

عودة المُلحن Petri Alanko وإبداعه في تقديم موسيقى تصويرية تقشعر منها الأبدان

بالحديث عن الصوتيات في Alan Wake II، فيجب أن نتحدث عن الموسيقى التصويرية الأسطورية للعبة من تلحين الرائعة Petri Alanko الذي عمل سابقًا على كافة ألعاب استوديو Remedy منذ Alan Wake في 2010. رغم أن موسيقى الجزء الأول من آلان ويك كانت مُظلمة، إلا أنه أتقن طابع الرعب هذه المرة لتقديم موسيقى مُخيفة سواء أثناء التنقل في البيئة أو في مواجهة الزعماء والأعداء. طبيعة الموسيقى هنا غريبة وتجعلك مترددًا أثناء التحرك خوفًا من حدوث خضة خاصةً وأن صوت الموسيقى يتزايد في بعض الأحيان بشكل غير مألوف.

شهدنا أيضًا عودة الفرقة الموسيقية الشهيرة Poets of the Fall المعروفة داخل عوالم Remedy بإسم Old Gods of Asgard، لتقديم نغمات رائعة بلعبة Alan Wake II من ضمنهم Herald of Darkness ونغمة آخر مواجهة في اللعبة. أعجبني مدى تداخلهم في عالم اللعبة هذه المرة بشكل أكبر من الجزء الأول مع وجود أفراد الفرقة الموسيقية ومهمة كاملة كبيرة متعلقة بهم، مع موسيقاهم الرائعة التي تجعل من Alan Wake II عمل فني أسطوري.

كيف تعمل لعبة مثل هذه على حاسوب متوسط؟

صُدمت عندما تم الكشف عن متطلبات تشغيل اللعبة، وكنت أتوقع أنني سأعاني لتشغيلها على حاسوبي الشخصي المتوسط، حتى ظللت أُعيد في نكتة أن الجهاز سينفجر في وجهي عندما أحاول تشغيل اللعبة. لكن من حسن حظي أن الذين يعملون في استوديو Remedy تقريبًا يستخدمون السحر الأسود في برمجة الألعاب وصُقلها على منصة الحاسب الشخصي، حيث عملت بدون مشاكل على حاسوبي المتوسط ذا المواصفات الآتية:

  • معالج Intel Core i5-10400F
  • 32 جيجا بايت من الرامات بنوعية DDR4 وتردد 3200 MHz
  • بطاقة رسومية Nvidia GeForce RTX 3050 8 GB
  • تخزين على NVMe M.2 SSD

قمت بتشغيل اللعبة على نفس إعدادات منصة PS5 في وضع الأداء والتي تتراوح بين ضعيفة ومتوسطة (يمكنكم التحقق من مقطع التحليل التقني على قناة Digital Foundry لمعرفة تفاصيل أكثر)، ووضعت اللعبة على دقة 1080p مع تشغيل تقنية Nvidia DLSS على وضع الجودة، وفي المقابل التجربة كانت سلسة للغاية بدون مشاكل. أثناء مناطق شخصية Saga كنت أستمتع بتجربة تتراوح بين 40-50 إطار لأنها مناطق ثقيلة مع وجود الكثير من الأشجار حولك في كل مكان، أما في مناطق اللعب بشخصية Alan Wake كانت التجربة أكثر سلاسة بإطارات تتراوح بين 50-60 وتقترب معظم الوقت لـ 60 بدون مشكلة.

التجربة التقنية ككل كانت رهيبة على منصة الحاسب الشخصي، فتقريبًا اللعبة شبه خالية من المشاكل التقنية حيث لم أجد إلا بعض الأخطاء والجليتشات البسيطة جدًا أثناء التجربة والتي لم تؤثر على تجربة اللعب إطلاقًا. لم يحدث أي Crash، ولم أضطر لإعادة الحفظ السابق إلا مرة وحيدة فقط بسبب خطأ تقني صغير. اللعبة ككل مصقولة جدًا على منصة الحاسب الشخصي بأداء تقني جيد جدًا وبدون مشاكل كبيرة.

في النهاية

استوديو Remedy لم يُقدم لنا مجرد لعبة عادية، بل هذا هو عمل فني متكامل صدمنا بمدى مثاليته من كافة النواحي، بقصة يتم سردها بطرق استثنائية لم نرى لها مثيل من قبل، ورسومات خلابة تجعل من Alan Wake II أقرب شيء لواقعنا. ضفّ على ذلك الإتقان المُفاجئ للاستوديو لعناصر وميكانيكيات الرعب والبقاء في أول توجه لهم لهذه النوعية من الألعاب، وستجد نفسك أمام منتج نهائي يدفع صناعة الألعاب بأكملها إلى الأمام!