بعد غياب سلسلة Forza Motorsport عن الأنظار لمدة 6 سنوات ووعود استوديو Turn 10 بتقديم أفضل نقلة تقنية شهدتها السلسلة بـ Reboot كامل للعنوان، فتوقعت أن أجد نفسي أمام لعبة جيل جديد بحق تضع المعيار عاليًا لألعاب السباقات، فهذا ما تعودنا عليه من سلسلة Forza طوال الفترة الماضية سواء كانت Horizon أو Motorsport. لكن المنتج النهائي الذي أمامنا يُعاني من جوانب تقنية كثيرة، مع وجود مشاكل ذكاء إصطناعي لم أتوقع أن أجدها في لعبة سباقات تصدر بعام 2023. إليكم مراجعتنا الكاملة للعبة Forza Motorsport.

تُقدم Forza Motorsport أفضل محاكاة لسباقات السيارات

رغم أنني لست من هواة ألعاب السيارات في العموم، إلا أني جربت الكثير من العناوين على مدار السنوات الماضية مثل Need for Speed و The Crew و GRID و Forza Horizon 5 و Forza Motorsport 7، ولم تقترب أي لعبة منهم إلى قوة Forza Motorsport 2023 من ناحية القيادة والتحكم بالسيارات. لقد شعرت وأني أتحكم بسيارة حقيقية بالفعل طوال الـ 20 ساعة التي قضيتها في اللعبة، والمميز هو أن كل سيارة لها طابعها الخاص وتحتاج لتركيزٍ عالٍ أثناء القيادة حتى تدرس طريقة التحكم فيها والانعطافات وغيرها من الأمور.

هذا كله تساعده الفيزيائية الخرافية المتواجدة باللعبة، والاصطدامات الممتازة التي تجعل لعبة مثل Gran Turismo 7 أضحوكة بجانبها. كل شيء أثناء السباق في Forza Motorsport له حساب، ويجب عليك التركيز لحالة الطقس واختيار إطارات العجلات المناسبة لتحصل على أعلى سرعة وأفضل تحكم، مع الأخذ في الاعتبار تانك الوقود خاصتك، فهل تملأه للنهاية ولا تضطر للدخول لمنطقة التصليحات ولكن في المقابل من الممكن أن تُصبح أثقل قليلاً، أم تأخذ بنزين أقل لتُزيد في سرعتك وتدخل منطقة التصليحات مرة واحدة مثلاً؟

كل شيء يسير حسب اختياراتك في لعبة Forza Motorsport 2023، والسباقات نفسها ممتعة للغاية لدرجة أنك ستود الدخول في سباق وراء سباق وستجد أن 4 أو 5 ساعات قد مروا وأنت تلعب ولا تشعر بالوقت. المتعة الأكبر بالتأكيد هي في السباقات الأونلاين ضد اللاعبين الآخرين الحقيقيين حيث تكون المنافسة حقيقية وشرسة والكل يريد الحصول على المركز الأول والكل أيضًا يرتكب الكثير من المخالفات. إنها التجربة المثالية لمُحبي ألعاب محاكاة السباقات الواقعية.

نظام التُقدم ممتاز، لكن محتوى اللعبة ليس كاملاً!

نظام التقدم في اللعبة يعتمد على قيامك بلعب الكثير من السباقات في الكثير من الـ Events، ومع كل Event تُتيح لك اللعبة اختيار الحصول على إحدى السيارات بشكل مجاني بالكامل وتطويرها وترقيتها. ستتمكن أيضًا من الحصول على أموالٍ كثيرة مع كل سباق تفوز به ومن خلالها يمكنك ترقية السيارات أو شراء سيارات جديدة تمامًا من متجر اللعبة الذي يضم أكثر من 500 سيارة في وقت الإطلاق.

أعجبني نظام الترقية في اللعبة حيث تشرح لك كل شيء وكيف يمكن ترقيته وماذا ستستفيد من فعل ذلك. إنه لعبة محاكاة واقعية، فبالتالي كل شيء في السيارة قابل للترقية، ولكن بعض اللاعبين (مثلي شخصيًا) لا يعلمون الكثير عن السيارات وعن الترقيات، ولذلك تُقدم اللعبة نظامًا يُسمى Quick Upgrade، ومن خلاله تعمل اللعبة بشكل تلقائي على ترقية قطع السيارة إلى أفضل شيء وكل ما عليك أنت فعله هو الموافقة على اختيارات اللعبة، وبذلك تُصبح اللعبة سهلة وبسيطة لكل أنواع اللاعبين. أما المخضرمين فيمكنهم التعديل والتخصيص بالشكل الذي يرونه مناسبًا لهم!

نظام التقدم الممتاز يأتي مصحوبًا بمحتوى قليل مقارنةً بالجزء الماضي. رغم أن اللعبة تُقدم لنا أكثر من 50 سيارة حديثة تم إصدارها خلال السنوات الثلاث الأخيرة، إلا أنها تُقدم 20 مضمار سباق فقط مقارنةً بالجزء السابق الذي قدّم لنا 32. ضفّ على ذلك أن اللعبة صدرت بـ 500 سيارة فقط مقارنةً بالجزء السابق الذي تخطى حاجز الـ 700، فهل نحن نتقدم أم نتأخر من ناحية المحتوى؟ من المفترض أن نتوقع نفس كم المحتوى مع إضافات عليه، لكننا الآن نحصل على محتوى أقل وكأن نفس حالة Halo Infinite تتكرر مرةً أخرى!

الغباء الاصطناعي يسيطر على التجربة

من أكبر مشاكلي مع لعبة Forza Motorsport هو الذكاء الاصطناعي والذي يُعاني معظم الوقت أثناء التجربة. اللعبة تُتيح لك إمكانية تخصيص الذكاء الاصطناعي بما يتناسب مع قوتك ومهارتك في اللعبة، وأنت كلاعب ستقوم بشكل مستمر برفع مستوى الذكاء الاصطناعي كلما تزداد مهارتك في اللعبة وتتمكن من التحكم بشكل أفضل في السيارات وأخذ المنعطفات وغيرها من الأمور، لكن الذكاء الاصطناعي هنا لا يتحسن بمرور الوقت!

لعبت اللعبة لحوالي 20 ساعة تقريبًا وأنهيت الكثير من السباقات والـ Events، ودائمًا كنت أرفع مستوى الذكاء الاصطناعي بقدر معقول أثناء التجربة حتى وصلت لأعلى مستوى ممكن منه، وحتى حينها لم أجد أن الذكاء الاصطناعي يحاول المنافسة بأي شكل. فعلى سبيل المثال، سنبدأ السباق نحن 24 سيارة وأنا أكون بالمركز الـ 12، مع نهاية الجولة الأولى أصل إلى المركز الأول، وبعدها لا أجد أي منافسة إطلاقًا مهما استمريت في كوني المركز الأول.

حتى عندما تنظر إلى الخريطة في الأسفل ستشعر وأن الغباء الاصطناعي المتواجد هنا يفقد الشغف أثناء السباق عندما تصل أنت إلى المركز الأول، وكأن السائق شعر بالحزن أنه أصبح في المركز الثاني ولا يريد إكمال السباق. كنت أتوقع أن أحصل على تجربة تُشعرني بواقعية السباقات بحق ومدى التنافسية فيها حتى من الذكاء الاصطناعي، ولكن يبدو أن هذا الاحساس لن أصل له إلا أثناء تجربة اللعبة في سباقات أونلاين Multiplayer ضد لاعبين حقيقيين.


لم أتوقع قول ذلك، لكن تقنيات Forza Motorsport ليست الأفضل!

أي جزء من أجزاء Forza دائمًا ما يضع المعيار لتقديم أفضل تجربة بصرية وتقنية مقارنةً بأي لعبة سباقات أخرى، ومع غياب سلسلة Motorsport عن الأنظار لستة سنوات، ووعود استوديو Turn 10 المستمرة بأنهم يقومون بعمل تحسينات شاملة من الصفر للمحرك، وأن اللعبة ستكون نقلة تقنية وموجهة للجيل الجديد بشكلٍ كامل، فتوقعت أن Forza Motorsport الجديدة ستجعلني مندهشًا من مدى جمال التقنيات والرسوميات التي تُقدمها، ولكن للأسف اللعبة خيبت آمالي بشكل غريب وغير متوقع، والسبب يرجع لبعض قرارات الاستوديو الغريبة في التصميم!

أولاً اللعبة لا تتمتع بأفضل تجربة بصرية حتى عند تجربتها على أفضل إعدادات، وتوجد مشاكل واضحة في تصميم البيئات والـ Textures، ودائمًا ما تشعر أن الصورة باهتة الألوان وضبابية أمام عينيك. خاصية التصوير Photo Mode دائمًا ما تجذب نظرنا للرسومات ومدى اهتمام الاستوديوهات بأدق التفاصيل في بيئة اللعبة، ولكن إليكم صورة توضح مدى قبح الـ Textures حتى على أعلى إعدادات ممكنة على منصة الحاسب الشخصي:

المشكلة الثانية في رسومات اللعبة هي الإضاءة، وهنا سأتحدث بشكل تقني قليلاً عن محركات الألعاب. عند بدء تصميم أي لعبة، فأنت كاستوديو تتخذ قرار هل تُريد صناعة يوم ديناميكي في المرحلة التي تُصممها، أم ستقوم أنت بنفسك كمُطور بصُنع تفاصيل السماء والإضاءة وتنسيقها بما يتناسب مع البيئات التي تُصممها لتُقدم أفضل تجربة بصرية ممكنة لكل اللاعبين بمستوى إضاءة ثابت طوال الوقت.

لعبة Forza Motorsport 7 التي صدرت في 2017 قدمت لنا ذلك، والنتيجة النهائية كانت تجربة بصرية مُبهرة للعين بمستوى إضاءة خرافي لأن كلها إضاءة Baked تم صُنعها من قبل الاستوديو نفسه، وهذا لم يتحقق مع لعبة Forza Motorsport 2023 لأن الاستوديو قرر أخذ منعطفًا آخر في التطوير وهو تصميم يوم كامل بتعاقب ليل ونهار ديناميكي مما يجعل الإضاءة تختلف تقريبًا طوال فترة السباق، فأحيانًا ستبدأ السباق ليلاً وتجد أن الشمس تسطع عليك والعكس صحيح، وللأسف هذا أثر بالسلب على رسومات اللعبة.

ففي بعض الأحيان على أحد مسارات السباق تجد أن اللعبة تُشبه لعبة موبايل أو لعبة من الجيل الماضي بسبب تغييرات الطقس والإضاءة، وفي أحيانٍ أخرى تجد أن اللعبة أصبحت جيدة رسوميًا، وهذا لا يزال غير مقبول بالنسبة ليّ، فدائمًا ما ننظر إلى لعبة Forza ونقارنها بمشاهد واقعية من مدى جمال الرسومات وروعة تفاصيلها. أنا لا أعلم ما الذي عمل عليه الاستوديو طوال السنوات الست الماضية، ولكن الإطلاق عكس المتوقع تمامًا.

ماذا عن تقنية تتبع الأشعة، هل تحسن من التجربة؟ بالتأكيد نعم، ولكنه ليس التحسين العملاق لأن رسومات اللعبة في الأساس ضعيفة. عندما تُفكر في لعبة جيل جديد، فإن أفكارك ستأخذك بشكل تلقائي للعبة مثل A Plague Tale Requiem أو Horizon Forbidden West: Burning Shores وغيرهم. تلك ألعاب تُقدم تجربة جيل جديد برسومات خلابة بدون حتى أن تدعم تقنية تتبع الأشعة، على عكس Forza Motorsport التي لا تزال ضعيفة رسوميًا حتى بتقنية تتبع الأشعة. فقط قارنها بلعبة Forza Horizon 5 وستجد أن اللعبة التي صدرت منذ عامين وموجهة للجيل الجديد والسابق لا تزال أفضل بصريًا من ناحية كل شيء.

وبالحديث عن تتبع الأشعة، فالاستوديو كذب علينا في الدعاية الأولية للعبة، لإن النسخة النهائية منها تمتلك تقنيات تتبع أشعة أضعف من التي تم عرضها، بالإضافة إلى ذلك فكان قد وعد الاستوديو أن Forza Motorsport ستعمل بدقة 4K و 60 إطار في الثانية بتفعيل تتبع الأشعة على Xbox Series X، وهذا ليس حقيقي. اللعبة تعمل بدقة 2K و 60 إطار وستحصل على تتبع أشعة في الانعكاسات، أما إذا أردت تتبع أشعة كامل فيجب عليك أن ترضى بـ 30 إطار فقط!

تجربتي للعبة كانت على حاسوب متوسط بالمواصفات الآتية:

  • معالج Intel Core i5-10400F
  • 32 جيجا بايت من الرامات بنوعية DDR4 وتردد 3200 MHz
  • بطاقة رسومية Nvidia GeForce RTX 3050 8 GB
  • تخزين على NVMe M.2 SSD

تمكنت من تجربة اللعبة على أعلى اعدادات بدقة 1080p وحصلت على 60 إطار في الثانية بدون تفعيل تقنية تتبع الأشعة. أما بتفعيل تقنية تتبع الأشعة الكاملة، فاضطررت إلى تفعيل تقنية DLSS على وضع الجودة لكي أحصل على 30 إطار في الثانية، وبالتأكيد لا أنصح بذلك الأمر لأن ألعاب السباقات تحتاج لكل سلاسة في الصورة، ولذلك اُفضل تجربتها على 60 إطار بدون تتبع الأشعة.

أين دعم اللغة العربية؟

آخر أجزاء سلسلة Forza Motorsport كانت تدعم اللغة العربية، ولذلك أي شخص طبيعي كان يتوقع أن الجزء الجديد هو الآخر سيدعم لغتنا، لكن هذا لم يحدث، واللعبة صدرت بدون أي دعم للغة العربية ولا حتى للقوائم فقط وليس بعض الحوارات المتواجدة في اللعبة. ضفّ على ذلك أن الحساب الرسمي للعبة Forza Motorsport قام بنشر تلك الصورة التي تركتها لكم بالأعلى (قبل أن يمسحها ويُعدلها) ليوضح لنا متى ستتوفر اللعبة في المملكة العربية السعودية، وهكذا قاموا بكتابة كلمة "الرياض". أين كان فريق Xbox الشرق الأوسط من هذا الأمر المُخزي؟

في النهاية

لعبة Forza Motorsport هي من أكثر أجزاء السلسلة المُخيبة للآمال، ولم تصل للمستوى المتوقع من استوديو Turn 10 بعد غيابهم عن الأنظار لستة سنوات. محتوى ناقص وذكاء اصطناعي فاقد للشغف مع رسومات ضعيفة. كل تلك الأمور تكبح اللعبة عن الإنطلاق، رغم أنها تمتلك أفضل ميكانيكيات وفيزيائية قيادة السيارات في تاريخ الصناعة. نتمنى ألا يحل بها ما حل للعبة Halo Infinite، وأن تصل للمستوى المطلوب بعد فترة من الدعم المستمر.